للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنه بقوله: (ثُمَّ رَمَى) أي: أشار (بِيَدِهِ هَهُنا) أي: إلى المشرق (١)، وإنَّما أشار إليه لأنَّ أوَّل الظُّلمة لا تُقبِل منه إلَّا وقد سقط القرص (ثُمَّ قَالَ) : (إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ أَقْبَلَ مِنْ هَهُنَا) أي: من جهة المشرق (فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ) أي: دخل وقت إفطاره.

واستُنبِط من هذا الحديث أنَّ صوم رمضان في السَّفر أفضل من الإفطار لأنَّه كان صائمًا في شهر رمضان في السَّفر، ولقوله تعالى: ﴿وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٨٤]، ولبراءة الذِّمَّة وفضيلة الوقت، وفارق ذلك أفضليَّة القصر في السَّفر بأنَّ في القصر براءةَ الذِّمَّة ومحافظةً على فضيلة (٢) الوقت بخلاف الفطر، وبأنَّ فيه خروجًا من الخلاف، وليس هنا خلافٌ يُعتَدُّ به في إيجاب الفطر، فكان الصَّوم أفضل، نعم إن خاف من الصَّوم ضررًا في الحال أو الاستقبال فالفطر أفضل، وعليه يُحمَل الحديث الآتي قريبًا -إن شاء الله تعالى- بعد بابٍ بلفظ: كان رسول الله في سفرٍ فرأى زِحامًا ورجلًا قد ظُلِّل عليه، فقال: «ما هذا؟» فقالوا: صائمٌ، فقال: «ليس من البرِّ الصَّومُ (٣) في السَّفر» [خ¦١٩٤٦]، وقال المالكيَّة: يجوز الفطر في سفر القصر إذا شرع في السَّفر قبل الفجر ولم ينو الصِّيام في السَّفر، وقد خرج بقولهم: «شرع فيه قبل الفجر» ما إذا سافر بعده، فإنَّ فطره (٤) ذلك اليوم لا يجوز عندهم إذا نوى الصَّوم قبل خروجه، وبقولهم: «ولم ينو الصِّيام في السَّفر» ما إذا نوى الصَّوم في السَّفر، فإنَّ فطره لا يجوز، فإن خالف في الوجهين فأفطر لزمه القضاء، ولو كان صومه تطوُّعًا، ولا كفَّارة عليه في المسألة الأولى بخلاف الثَّانية، وقال الحنابلة: يُستحَبُّ له الفطر، قال المرداويُّ: وهذا هو (٥) المذهب، وعليه الأصحاب ونصَّ عليه، وهو من المفردات، وسواءٌ وجد مشقَّةً أم لا، وفي وجهٍ: إنَّ الصَّوم أفضل.


(١) في (م): «الشَّرق».
(٢) في (ب) و (د): «أفضليَّة».
(٣) في (د): «الصِّيام».
(٤) في (د): «فطر».
(٥) «هو»: مثبتٌ من (ب) و (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>