للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فرأى قومًا مزدحمين (١) (وَرَجُلًا) قيل: هو أبو إسرائيل العامريُّ، واسمه قيسٌ، وعزاه مُغلطاي لمبهمات الخطيب، ونُوزِع في نسبة ذلك للخطيب (قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ) أي: جُعِل عليه شيءٌ يظلِّله من الشَّمس لما حصل له من شدَّة العطش وحرارة الصَّوم، وقوله: «ظُلِّل» بضمِّ الظَّاء مبنيًّا للمفعول، والجملة حاليَّةٌ (فَقَالَ) : (مَا هَذَا؟) وللنَّسائيِّ: «ما بال صاحبكم هذا؟» (فَقَالُوا) أي: من حضر من الصَّحابة، ولابن عساكر: «قالوا» بإسقاط الفاء: (صَائِمٌ، فَقَالَ) : (لَيْسَ مِنَ البِرِّ) بكسر الباء، أي: ليس من الطَّاعة والعبادة (الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ) إذا بلغ بالصَّائم هذا المبلغ من المشقَّة، ولا تمسُّك بهذا الحديث لبعض الظَّاهريَّة القائلين بأنَّه لا ينعقد الصَّوم في السَّفر لأنَّه عامٌّ خرج على سببٍ، فإن قيل بقصره عليه لم (٢) تقم به حجَّةٌ، وإن لم يُقْلَ بقصره عليه حُمِل على مَنْ حاله مثل حال الرَّجل وبلغ به ذلك المبلغ، وحديث: صومه حتَّى بلغ الكَدِيد [خ¦١٩٤٤] وحديث: «فمنَّا الصَّائم، ومنَّا المفطر» يردُّ عليهم، وقول الزَّركشيِّ وتبعه صاحب «جمع العدَّة لفهم العمدة»: «من» -في قوله: «ليس من البرِّ» - زائدةٌ لتأكيد النَّفي، وقيل: للتَّبعيض، وليس بشيءٍ، تعقَّبه البدر (٣) الدَّمامينيُّ فقال: هذا عجيبٌ لأنَّه أجاز ما المانعُ منه قائمٌ ومَنَعَ ما لا مانع منه، وذلك أنَّ من شروط زيادة «من» أن يكون مجرورها نكرةً، وهو في الحديث معرفةٌ، وهذا هو المذهب المُعوَّل عليه، وهو مذهب البصريِّين خلافًا للأخفش والكوفيِّين، وأمَّا كونها للتَّبعيض فلا يظهر لمنعه وجهٌ؛ إذ المعنى: أنَّ الصَّوم في السَّفر ليس معدودًا من أنواع البرِّ، وأمَّا رواية: «ليس من امبر امصيام في امسفر» -بإبدال اللَّام ميمًا في لغة أهل اليمن- فهي في «مُسنَد الإمام أحمد» لا في «البخاريِّ». وحديث الباب رواه مسلمٌ في «الصَّوم»، وكذا أبو داود والنَّسائيُّ.


(١) قوله: «بكسر الزَّاي: اسمٌ للزَّحمة … قومًا مزدحمين» سقط من (د).
(٢) في غير (ب) و (س): «فلم».
(٣) «البدر»: ليس في (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>