للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ) هو ابن الزُّبير بن العوَّام (حَدَّثَهُ، عَنْ عُرْوَةَ) بن الزُّبير (عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: مَنْ مَاتَ) من المُكلَّفين (وَعَلَيْهِ صِيَامٌ) الواو للحال (صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ) ولو بغير إذنه، أو أجنبيٌّ بالإذن من الميت، أو من (١) القريب، بأجرةٍ أو دونها، وهذا مذهب الشَّافعيِّ القديم، وصوَّبه النَّوويُّ، بل قال: يُسَنُّ له ذلك ويسقط وجوب الفدية، والجديد -وهو مذهب مالكٍ وأبي حنيفة-: عدم الجواز لأنَّه عبادةٌ بدنيَّةٌ، ولا يسقط وجوب الفدية، قال النَّوويُّ: وليس للجديد حجَّةٌ، والحديث الوارد بالإطعام ضعيفٌ، ومع ضعفه فالإطعام لا يمتنع عند القائل بالصَّوم، وهل المعتبر على القديم الولاية -كما في الحديث- أم (٢) مطلق القرابة أم يُشتَرط الإرث أم العصوبة؟ فيه احتمالاتٌ للإمام، قال الرَّافعيُّ: والأشبه اعتبار الإرث، وقال النَّوويُّ: المختار اعتبار مطلق القرابة، وصحَّحه في «المجموع»، قال: وقوله في خبر «مسلمٍ» لامرأةٍ قالت له: إنَّ أمي ماتت وعليها صوم نذرٍ، أفأصوم عنها؟ قال: «صومي عن أمِّك» يُبْطل احتمال ولاية المال والعصوبة. انتهى. وأجاب المالكيَّة عن حديث الباب: بدعوى عمل أهل المدينة، واحتج الحنفيَّة على القول بعدم الاحتجاج بهذين الحديثين بأنَّ عائشة سُئِلت عن امرأةٍ ماتت وعليها صومٌ، قالت: يُطعَم عنها، وعنها: أنَّها (٣) قالت: «لا تصوموا عن موتاكم وأطعموا عنهم» أخرجه البيهقيُّ، وعن ابن عبَّاسٍ قال في رجلٍ مات وعليه رمضان، قال: «يُطعَم عنه ثلاثون مسكينًا» أخرجه عبد الرَّزَّاق، وعن ابن عبَّاسٍ: «لا يصوم أحدٌ عن أحدٍ» أخرجه النَّسائيُّ، فلمَّا أفتى ابن عبَّاسٍ وعائشة بخلاف ما روياه دلَّ ذلك على أنَّ العمل على خلاف ما روياه لأنَّ فتوى الرَّاوي على خلاف مرويِّه بمنزلة روايته للنَّاسخ، ونسخ الحكم يدلُّ على إخراج المناط عن الاعتبار، وقال الحنابلة: ولا يجوز تأخير قضاء رمضان إلى رمضانٍ آخر من غير عذرٍ، فإن فعل فعليه القضاء وإطعام مسكينٍ لكلِّ يومٍ، ولا يُصام عنه على المذهب، وهو الصَّحيح، وعليه الأصحاب، وإن مات وعليه صومٌ منذورٌ ولم يصم منه (٤) شيئًا سُنَّ لوليِّه فعله، ويجوز لغيره فعله، بإذنه وبغيره، ويجوز صوم جماعةٍ عنه في يومٍ واحدٍ.


(١) (من): ليس في (د).
(٢) في (م): «أو».
(٣) «أنَّها»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٤) في (د): «عنه».

<<  <  ج: ص:  >  >>