للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدَّرداء غائبًا (فَرَأَى) سلمانُ (أُمَّ الدَّرْدَاءِ) هي خَيرة -بفتح الخاء المعجمة- بنت أبي حَدْرَدٍ الأسلميَّة الصَّحابيَّة الكبرى، وليست أمَّ الدَّرداء الصُّغرى المُسمَّاة هُجَيمة (مُتَبَذِّلَةً) بضمِّ الميم وفتح المُثنَّاة الفوقيَّة والموحَّدة وكسر المعجمة المُشدَّدة، أي: لابسةً ثياب البِذْلة بكسر الموحَّدة وسكون المعجمة، أي: المِهْنة وزنًا ومعنًى، أي: تاركةً لِلِباس الزِّينة، وللكُشْمِيْهَنِيِّ: «مُبْتَذِلةً» بميمٍ مضمومةٍ فمُوحَّدةٍ ساكنةٍ ففوقيَّةٍ مفتوحةٍ فمُعجَمةٍ مكسورةٍ.

(فَقَالَ) سلمان (لَهَا: مَا شَأْنُكِ) يا أمَّ الدَّرداء مبتذلةً؟ (قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا) وللدَّارقطنِّي من وجهٍ آخر: عن محمَّد بن عونٍ: «في نساء الدُّنيا» وزاد ابن خزيمة: «يصوم النَّهار ويقوم اللَّيل» (فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ) زاد التِّرمذيُّ: فرحَّب بسلمان (فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا) وقرَّبه إليه ليأكل (فَقَالَ) سلمان لأبي الدَّرداء: (كُلْ، قَالَ) أبو الدَّرداء: (فَإِنِّي صَائِمٌ) وفي رواية التِّرمذيُّ: فقال: كُلْ؛ فإنِّي صائمٌ، وعلى هذا فالقائل أبو الدَّرداء، والمقول له سلمان (قَالَ) سلمان لأبي الدَّرداء: (مَا أَنَا بِآكِلٍ) من طعامك (حَتَّى تَأْكُلَ) أراد سلمان أن يصرف أبا الدَّرداء عن رأيه فيما يصنعه من جهد (١) نفسه في العبادة وغير ذلك ممَّا شَكَتْه إليه زوجتُه (قَالَ: فَأَكَلَ) أبو الدَّرداء معه، فإن قلتَ: لم يذكر في هذا الحديث قَسَمًا من سلمان حتَّى تقع المطابقة بينه وبين التَّرجمة؛ حيث قال: من أقسم على أخيه؟ قلتُ: أجاب ابن المُنيِّر بأنَّه إمَّا لأنَّه في طريقٍ آخر، وإمَّا لأنَّ القَسَم في هذا السِّياق مُقدَّرٌ قبل لفظ: ما أنا بآكلٍ؛ كما قُدِّر في قوله تعالى: ﴿وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾ [مريم: ٧١] وتعقَّبه في «المصابيح» بأنَّه يحتاج إلى إثبات الطَّريق الذي وقع فيه (٢) القسم، والاحتمال ليس كافيًا في ذلك، وتقدير قَسَمٍ هنا تقدير ما لا دليل عليه، فلا يُصار إليه. انتهى. وقد وقع في رواية البزَّار عن محمَّد بن بشَّارٍ شيخ المؤلِّف -كما أفاده في «الفتح» -: «فقال: أقسمت عليك لتفطرنَّ» وكذا رواه ابن خزيمة عن يوسف بن موسى، والدَّارقُطنيُّ من طريق عليِّ بن مسلمٍ وغيره، والطَّبرانيُّ من طريق أبي بكرٍ وعثمان ابني أبي شيبة والعبَّاس بن عبد العظيم (٣)، وابن حبَّان من طريق أبي خيثمة، كلُّهم عن جعفر


(١) في (د): «جهة».
(٢) في (د): «فيها».
(٣) في (ب): «المطَّلب»، وليس بصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>