للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من ذلك (قَالَ) عبد الله: يا رسول الله (١) (إِنِّي لأَقْوَى لِذَلِكَ) أي: لسرد الصَّوم دائمًا، ولابن عساكر: «إنِّي لأقوى ذلك» كذا في «اليونينيَّة» (٢) بإسقاط حرف الجرِّ، وفي نسخةٍ: «على ذلك» (قَالَ) : (فَصُمْ صِيَامَ دَاوُدَ قَالَ) عبد الله: يا رسول الله (وَكَيْفَ؟) أي: صيام داود كما في مسلم (قَالَ) : (كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ) أي: لا يهرب (إِذَا لَاقَى) العدوَّ، أشار به إلى أنَّ الصَّوم على هذا الوجه لا يُنهِك البدن بحيث يضعف عن لقاء العدوِّ، بل يُستعان بفطر يومٍ على صيام يومٍ، فلا يضعف عن الجهاد وغيره من الحقوق (قَالَ) عبد الله: (مَنْ لِي بِهَذِهِ) الخصلة (٣) الأخيرة؛ وهي عدم الفرار؟ أي: من يتكفَّل لي بها (يَا نَبِيَّ اللهِ؟ قَالَ عَطَاءٌ) هو ابن أبي رباحٍ بالإسناد السَّابق: (لَا أَدْرِي كَيْفَ ذَكَرَ) بفتحاتٍ (صِيَامَ الأَبَدِ) أي: لا أحفظ كيف جاء ذكر صيام الأبد في هذه القصَّة إلَّا أنِّي أحفظ أنَّه (قَالَ النَّبِيُّ : لَا صَامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ، مَرَّتَيْنِ) استدلَّ به من قال: بكراهة صوم الدَّهر لأنَّ قوله: «لا صام» يحتمل الدُّعاء، ويحتمل الخبر، قال ابن العربيِّ: إن كان معناه: الدُّعاء فيا ويح من أصابه دعاء النَّبيِّ ، وإن كان معناه الخبر فيا ويح من أخبر عنه النَّبيُّ أنَّه لم يصم، وإذا لم يصم شرعًا فلم يُكتَب له ثوابٌ لوجوب صدق قوله لأنَّه نفى عنه الصَّوم وقد نفى عنه الفضل كما تقدَّم، فكيف يطلب الفضل فيما نفاه ، وأُجيب بأجوبةٍ:

أحدها: أنَّه محمولٌ على حقيقته: بأن يصوم معه العيد والتَّشريق، قال النَّوويُّ: وبهذا أجابت عائشة. انتهى. وهو اختيار ابن المنذر وطائفةٍ، وتُعقِّب بأنَّه قال جوابًا لمن سأله عن صوم الدَّهر: «لا صام ولا أفطر»، وهو يؤذن بأنَّه ما (٤) أُجِرَ ولا أثم، ومن صام الأيَّام المُحرَّمة لا يُقال فيه ذلك لأنَّه عند من أجاز صوم الدَّهر إلَّا الأيَّام المُحرَّمة يكون قد فعل مُستَحبًّا وحرامًا، وأيضًا فإنَّ الأيَّام المُحرَّمة مستثناةٌ في الشَّرع غير قابلةٍ للصَّوم شرعًا، فهي


(١) «يا رسول الله»: مثبتٌ من (د).
(٢) في (م): «الفرع».
(٣) «الخصلة»: ليس في (ب).
(٤) في (ب) و (د) و (س): «لا».

<<  <  ج: ص:  >  >>