للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

معتادًا لصيام (١) سرر الشَّهر، أو كان قد نذره فلذلك أمره بقضائه؛ كما سيأتي -إن شاء الله تعالى- وقالت طائفةٌ: سرر (٢) الشَّهر: أوَّله، وبه قال الأوزاعيُّ وسعيد بن عبد العزيز، فيما حكاه أبو داود، وأجيب بأنَّه لا يصحُّ أن يُفَسَّر سرر الشَّهر وسراره بأوَّله لأنَّ أوَّل الشَّهر يشتهر فيه الهلال ويُرَى من أوَّل الليل، ولذلك سُمِّي الشَّهر شهرًا لاشتهاره وظهوره عند دخوله، فتسمية ليالي الاشتهار ليالي السِّرار قلبٌ للُّغة والعُرْف، وقد أنكر العلماء ما رواه أبو داود عن الأوزاعيِّ -منهم: الخطَّابيُّ- وقيل: السَّرر: وسطه، حكاه أبو داود أيضًا، ورجَّحه بعضهم ووجَّهَهُ بأنَّ (٣) السَّرر جمع سُرَّةٍ، وسُرَّة الشَّيء: وسطه، وأيَّدوه بما ورد من استحباب صوم أيَّام البيض، وفي رواية مسلمٍ في حديث عمران بن حصينٍ المذكور: «هل صمت من سُرَّة هذا الشَّهر؟» وفُسِّر بالأيَّام البيض، وأُجيب بأنَّ الأظهر أنَّه الآخر كما قال الأكثر لقوله: «فإذا أفطرت فصُمْ يومين من سَرَر هذا الشَّهر». والمشار إليه: شعبان، ولو كان السَّرر أوّله أو وسطه لم يفته.

(قَالَ) أبو النُّعمان: (أَظُنُّهُ قَالَ: يَعْنِي: رَمَضَانَ) لم يقل الصَّلت ذلك، لكن روى الجوزقيُّ من طريق أحمد بن يوسف السُّلميِّ عن أبي النُّعمان بدون ذلك، قال الحافظ ابن حجرٍ: وهو الصَّواب (قَالَ الرَّجُلُ: لَا يَا رَسُولَ اللهِ) ما صُمته (قَالَ: فَإِذَا أَفْطَرْتَ) أي: من رمضان كما في «مسلمٍ» (فَصُمْ يَوْمَيْنِ) بعد العيد عوضًا عن سرر شعبان (لَمْ يَقُلِ الصَّلْتُ: أَظُنُّهُ؛ يَعْنِي: رَمَضَانَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ) أي: البخاريُّ، وسقط ذلك في رواية ابن عساكر (وَقَالَ ثَابِتٌ) فيما وصله مسلمٌ (عَنْ مُطَرِّفٍ) المذكور (عَنْ عِمْرَانَ) بن حصينٍ (عَنِ النَّبِيِّ : مِنْ سَِرَرِ شَعْبَانَ) وليس هو برمضان كما ظنَّه أبو النُّعمان، ونقل الحميديُّ عن البخاريِّ أنَّه قال: شعبان أصحُّ، وقال الخطَّابيُّ: ذكرُ رمضان هنا وهمٌ لأنَّ رمضان يتعيَّن صوم جميعه.

ورواة الحديث الأوَّل بصريُّون، وأضاف رواية أبي النُّعمان إلى الصَّلت لما وقع فيها من


(١) في (د ١) و (م): «بصيام»، وفي (ص): «بصوم».
(٢) في (م): «سرار».
(٣) في غير (د) و (س): «وحكاه أبو داود أيضًا ورجَّحه: بأن»، والمثبت موافقٌ لما في «الفتح».

<<  <  ج: ص:  >  >>