للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

انقادوا في الظَّاهر دون الباطن، فكانوا كمن تلفَّظ بالشَّهادتين ولم يصدِّق بقلبه، فإنَّه تجري عليه الأحكام في الظَّاهر. انتهى.

(وَهُوَ) أي: الإيمان المبَوَّب عليه عند المصنِّف كابن عُيَيْنَةَ والثَّوريِّ وابن جريجٍ ومجاهدٍ ومالكِ بن أنسٍ، وغيرهم من سلف الأمَّة وخلفها من المتكلِّمين والمحدِّثين: (قَوْلٌ) باللِّسان وهو النُّطق بالشَّهادتين (وَفِعْلٌ) ولأبي ذَرٍّ عن (١) الكُشْمِيهَنيِّ: «وعملٌ» بدل «فعلٌ» وهو أعمُّ من عمل القلب والجوارح؛ لتدخل الاعتقادات والعبادات، وهو موافقٌ لقول السَّلف: اعتقادٌ بالقلب ونطقٌ باللِّسان وعملٌ بالأركان، وأرادوا بذلك: أنَّ الأعمال شرط في كماله، وقال المتأخِّرون -ومنهم الأشعريَّة وأكثر الأئمَّة كالقاضي، ووافقهم ابن الرَّاونديُّ من المعتزلة-: هو تصديق الرَّسول بما عُلِمَ مجيئه به ضرورةً، تفصيلًا فيما عُلِمَ تفصيلًا، وإجمالًا فيما علم إجمالًا، تصديقًا جازمًا مُطلَقًا، سواءٌ كان لدليلٍ أم لا، قال الله تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ﴾ [المجادلة: ٢٢] ﴿وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [الحجرات: ١٤] وقال : «اللهمَّ ثبِّت قلبي على دينك»، وإذا ثَبَتَ أنَّه فعل القلب وَجَبَ أن يكون عبارةً عن مجرَّد التَّصديق، وقد خرج بقيد «الضَّرورة» ما لم (٢) يُعلَمْ بالضَّرورة أنَّه جاء به كالاجتهادات، وبـ «الجازم»: التَّصديق الظَّنيُّ، فإنَّه غيرُ كافٍ، وقيل: هو المعرفة، فقومٌ: بالله، وهو مذهب جهم بن صفوان، وقومٌ: بالله وبما


(١) في (ص): «و».
(٢) في غير (ب) و (س): «لا».

<<  <  ج: ص:  >  >>