للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك من تقرير (١) النَّبيِّ من صلَّى معه في تلك اللَّيالي، وإن كان كرهه لهم فإنَّما كرهه خشية افتراضه عليهم (ثُمَّ عَزَمَ) عمر على ذلك (فَجَمَعَهُمْ) سنة أربع عشرة من الهجرة (عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) يصلِّي بهم إمامًا لكونه أقرأهم، وقد قال : «يؤمُّهم أقرؤهم لكتاب الله»، وعند سعيد بن منصور من طريق عروة: أنَّ عمر جمع النَّاس على أبيِّ بن كعبٍ، فكان يصلِّي بالرِّجال، وكان تميمٌ الدَّاريُّ يصلِّي بالنِّساء، وعند البيهقيِّ: وعلى النِّساء سليمان بن أبي حَثْمة، وهو محمولٌ على التَّعدُّد، قال عبد الرَّحمن بن عبدٍ: (ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ) أي: مع عمر (لَيْلَةً أُخْرَى، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ) إمامهم، فيه إشعارٌ بأنَّ عمر كان لا يواظب على (٢) الصَّلاة معهم، ولعلَّه كان يرى أنَّ فعلها في بيته -ولا سيَّما في آخر اللَّيل- أفضل (قَالَ عُمَرُ) لمَّا رآهم: (نِعْمَ البِدْعَةُ هَذِهِ) سمَّاها بدعةً لأنَّه لم يسنَّ لهم الاجتماع لها، ولا كانت في زمن الصِّدِّيق، ولا أوَّل اللَّيل، ولا كلَّ ليلةٍ، ولا هذا العدد، وهي خمسةٌ: واجبةٌ، ومندوبةٌ، ومُحرَّمةٌ، ومكروهةٌ، ومباحةٌ، وحديث: «كلُّ بدعةٍ ضلالةٌ» من العامِّ المخصوص، وقد رغب فيها عمر بقوله: «نِعْمَ البدعة»، وهي كلمةٌ تجمع المحاسن كلَّها، كما أنَّ «بئس» تجمع المساوئ كلَّها، وقيام رمضان ليس بدعةً لأنَّه قال: «اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكرٍ وعمر»، وإذا أجمع (٣) الصَّحابة مع عمر على ذلك زال عنه اسم البدعة.

(وَ) الفرقة (الَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا) أي (٤): عن صلاة التَّراويح (أَفْضَلُ مِنَ) الفرقة (الَّتِي يَقُومُونَ؛ يُرِيدُ: آخِرَ اللَّيْلِ) هذا تصريحٌ منه بأفضليَّة صلاتها في أوَّل اللَّيل على آخره، لكن


(١) في (ص) و (ج) و (م): «تقريره».
(٢) «على»: ليس في (م).
(٣) في (ب): «اجتمع».
(٤) «أي»: مثبتٌ من (ب) و (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>