للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صلاة التَّراويح في جماعةٍ (عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا) بكسر الجيم مضارع «عجزَ» بفتحها، أي: فتتركوها مع القدرة، وظاهر قوله: «خشيت أن تُفتَرض (١) عليكم» أنَّه توقَّع ترتُّب (٢) افتراض قيام (٣) رمضان في جماعةٍ على مواظبتهم عليه، وفي ارتباط افتراض العبادة بالمواظبة عليها إشكالٌ، قال أبو العبَّاس القرطبيُّ: معناه: تظنُّونه فرضًا للمداومة، فيجب على من يظنَّه كذلك كما إذا ظنَّ المجتهد حِلَّ شيءٍ أو تحريمه وجب عليه العمل بذلك، وقيل: إنَّ النَّبيَّ كان حكمه أنَّه إذا ثبت على شيءٍ من أعمال القُرَب واقتدى النَّاس به في ذلك العمل فُرِض عليهم ولذا قال: «خشيت أن تُفترَض (٤) عليكم». انتهى. واستبعد ذلك في «شرح التَّقريب»، وأجاب بأنَّ الظَّاهر أنَّ المانع له أنَّ النَّاس يستحلُّون متابعته ويستعذبونها ويستسهلون الصَّعب منها، فإذا فعل أمرًا سَهُلَ عليهم فعلُه لمتابعته، فقد يوجبه الله عليهم لعدم المشقَّة عليهم فيه في ذلك الوقت، فإذا تُوفِّي زال عنهم ذلك النَّشاط وحصل لهم الفتور فشقَّ عليهم ما كانوا استسهلوه، لا أنَّه يُفرَض عليهم ولا بدَّ كما قال القرطبيُّ، وغايته أن يصير ذلك الأمرُ مُرتَقبًا مُتوقَّعًا قد يقع وقد لا يقع، واحتمال وقوعه هو الذي منعه من ذلك، قال: ومع هذا فالمسألة مشكلةٌ، ولم أر من كشف الغطاء في ذلك، وأجاب في «الفتح»: بأنَّ المَخُوْفَ افتراضُ قيام اللَّيل؛ بمعنى: جعلِ التَّهجُّد في المسجد جماعةً شرطًا في صحَّة التَّنفُّل في اللَّيل، ويومئ إليه قوله في حديث زيد بن ثابتٍ [خ¦٧٢٩]: «حتَّى خشيت أن يُكتَب عليكم، ولو كُتِب عليكم ما قمتم به، فصلُّوا أيُّها النَّاس في بيوتكم» فمنعهم من التَّجميع (٥) في المسجد إشفاقًا عليهم من اشتراطه، وأُمِن مع إذنه في المُواظَبة على ذلك في بيوتهم من افتراضه عليهم، قال الزُّهريُّ: (فَتُوُفِّي رَسُولُ اللهِ وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ) أنَّ كلَّ أحدٍ يصلِّي قيام رمضان في بيته منفردًا، حتَّى جمع عمر النَّاس على أبيِّ بن كعبٍ، فصلَّى بهم جماعةً، واستمرَّ العمل على ذلك.


(١) في (ب) و (س) و (ج) و (م): «تُكتَب».
(٢) «ترتُّب»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٣) «قيام»: ليس في (د ١) و (ص).
(٤) في (ب) و (س): «تُفرَض».
(٥) في غير (س): «التجمُّع»، والمثبت موافقٌ لما في «الفتح».

<<  <  ج: ص:  >  >>