للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ضعيفٌ، وقد زاد فيها: أنَّه قال له: «اعتكف وصم» أخرجه أبو داود والنَّسائيُّ من طريق عبد الله بن بُدَيلٍ وهو ضعيفٌ، وقد (١) ذكر ابن عديٍّ والدَّارقُطنيُّ: أنَّه تفرَّد بذلك عن عمرو بن دينارٍ، ورواية من روى: «يومًا» شاذَّةٌ، وقد وقع في رواية سليمان بن بلالٍ الآتية -إن شاء الله تعالى-[خ¦٢٠٤٢] «فاعتكفَ ليلةً» فدلَّ على أنَّه لم يزده على نذره شيئًا، وأنَّ الاعتكاف لا صوم فيه، قاله في «فتح الباري»، وهذا مذهب الشَّافعيَّة والحنابلة، وعن أحمد أيضًا (٢): لا يصحُّ بغير صومٍ، والأوَّل هو الصَّحيح عندهم وعليه أصحابهم، وقال المالكيَّة والحنفيَّة: لا يصحُّ إلَّا بصومٍ، واحتجُّوا: بأنَّه لم يعتكف إلَّا بصومٍ، وفيه نظرٌ لما في الباب الذي بعده [خ¦٢٠٣٣] «أنَّه اعتكف في شوَّالٍ»، واستُشكِل قوله: «نذرت في الجاهليَّة … » إلى آخره، إذ ظاهره: أنَّه الوقت الذي كان هو فيه على الجاهليَّة لأنَّ الصَّحيح أنَّ نذر الكافر غير صحيحٍ، وأُجيب بأنَّ المراد أنَّه نذر بعد إسلامه في زمن لا يقدر أن يفي بنذره فيه لمنع الجاهليَّة للمسلمين من دخول مكَّة ومن الوصول إلى الحرم، وهذا مردودٌ بما أخرجه الدَّارقُطنيُّ من طريق سعيد بن بشيرٍ عن عبيد الله (٣) بلفظ: «نذر عمر أن يعتكف في الشِّرك»، فهو (٤) صريحٌ في أنَّ نذره كان قبل إسلامه في الجاهليَّة، فالمراد من قوله له: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ» على سبيل النَّدب لا على سبيل الوجوب لعدم أهليَّة الكافر للتَّقرُّب، فحملُه على النَّدب أَولى؛ إذ لا يحسن تركه بالإسلام ما عزم عليه في الكفر من الخير، والله أعلم، وعند الحنابلة: يصحُّ النَّذر من الكافر، وعبارة المرداويِّ في «تنقيح المقنع»: النَّذر مكروهٌ، وهو إلزام (٥) مُكلَّفٍ مختارٍ -ولو كافرًا- بعبادةٍ نصًّا نفسَه لله تعالى.


(١) «قد»: مثبت من (ب) و (س).
(٢) «أيضًا»: ليس في (م).
(٣) في غير (س): «عبد الله»، وهو تحريفٌ.
(٤) في (ب) و (س): «فهذا».
(٥) في (م): «التزام».

<<  <  ج: ص:  >  >>