للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ممدودةً على وجه الإنكار، والنَّصب على أنَّه مفعولٌ مُقدَّمٌ لقوله: (تُرَوْنَ) (١) بضمِّ المثنَّاة الفوقيَّة وفتح الرَّاء مبنيًّا للمفعول، أي: الطَّاعة تظنُّون (بِهِنَّ؟) أي: متلبِّسًا (٢) بهنَّ، فـ «البرَّ» مفعولٌ أوَّلٌ، و «بهنَّ» مفعولٌ ثانٍ، وهما في الأصل مبتدأٌ وخبرٌ، والخطاب للحاضرين معه من الرِّجال وغيرهم، وفي رواية ابن عساكر: «تُرِدْن» -بضمِّ الفوقيَّة وكسر الرَّاء وسكون الدَّال- مِنَ الإرادة بدل قوله: «تُرَون» أي: أمَّهات المؤمنين، وفي نسخةٍ: «آلبرُّ» بالرَّفع على الابتداء، والخبر ما بعده، وإلغاء الفعل الذي هو «تُرَون» لتوسُّطه بين المفعولين، وهما: البرَّ وبهنَّ (فَتَرَكَ) (الاِعْتِكَافَ ذَلِكَ الشَّهْرَ) مبالغةً في الإنكار عليهنَّ خشية أن يكنَّ غير مخلصاتٍ في اعتكافهنَّ، بل الحامل لهنَّ على ذلك المباهاة أو التَّنافس النَّاشئ عن الغيرة؛ حرصًا على القرب منه خاصَّةً فيخرج الاعتكاف عن موضوعه، أو خاف تضييق المسجد على المصلِّين بأخبيتهنَّ، أو لأنَّ المسجد يجمع النَّاس ويحضره الأعراب والمنافقون وهنَّ محتاجاتٌ إلى الدُّخول والخروج، فيبتذلن بذلك (ثُمَّ اعْتَكَفَ) (عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ) قضاءً عمَّا تركه من الاعتكاف في رمضان على سبيل الاستحباب؛ لأنَّه كان (٣) إذا عمل عملًا أثبته، ولو كان للوجوب؛ لاعتكف معه نساؤه أيضًا في شوَّالٍ، ولم يُنقَل، وفي رواية أبي معاوية عند مسلمٍ: «حتَّى اعتكف الأوَّل (٤) من شوَّال»، وقال الإسماعيليُّ: فيه دليلٌ على جواز الاعتكاف بغير صومٍ لأنَّ أوَّل شوَّالٍ هو يوم الفطر (٥)، وصومُه حرامٌ، واعتُرِض: بأنَّ المعنى: كان ابتداؤه في العشر الأُوَل، وهو صادقٌ بما إذا ابتدأ باليوم الثَّاني، فلا دليل فيه لما قاله.

وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ في «الصَّوم» وكذا أبو داود والتِّرمذيُّ، وأخرجه النَّسائيُّ في «الصَّلاة».


(١) في (م): «تُرِدن»، وهو تحريف، وكذا في الموضع اللاحق.
(٢) في (ص): «ملتبسًا».
(٣) «كان»: ليس في (ب).
(٤) في غير (س): «الأولى»، والمثبت موافق لما في «صحيح مسلمٍ».
(٥) في (ب) و (س): «العيد».

<<  <  ج: ص:  >  >>