للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللهِ ) وفي رواية مَعْمَرٍ المذكورة [خ¦٢٠٣٨] «فنظرا إلى النَّبيِّ ثمَّ أجازا» أي: مضيا، وفي رواية عبد الرَّحمن بن إسحاق عن الزُّهريِّ عند ابن حبَّان: «فلمَّا رأيا (١) استحييا فرجعا» (فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ ): امشيا (عَلَى رِسْلِكُمَا) بكسر الرَّاء وسكون السِّين المهملة، أي: على هينتكما، فليس شيءٌ تكرهانه (إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ) بمهملةٍ ثمَّ مثنَّاةٍ تحتيَّةٍ مُصغَّرًا ابن أخطب، وكان أبوها رئيس خيبر (فَقَالَا) أي (٢): الرَّجلان: (سُبْحَانَ اللهِ يَا رَسُولَ اللهِ!) أي: تنزَّه اللهُ عن أن يكون رسولُه مُتَّهَمًا بما لا ينبغي، أو كنايةٌ عن التَّعجُّب من هذا القول (وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا) بضمِّ المُوحَّدة، أي: عَظُم وشقَّ عليهما ما قال ، وفي رواية هُشَيمٍ: «فقالا: يا رسول الله، وهل نظنُّ بك إلَّا خيرًا؟» (فَقَالَ النَّبِيُّ : إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الإِنْسَانِ) الرِّجال والنِّساء، فالمرادُ الجنسُ (مَبْلَغَ الدَّمِ) أي: كمبلغ الدَّم، ووجه الشَّبه: شدَّة الاتِّصال وعدم المفارقة، وهو كنايةٌ عن الوسوسة (وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ) الشَّيطان (فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا) ولمسلمٍ وأبي داود من حديث مَعْمَرٍ: «شرًّا»، ولم يكن النَّبيُّ نسبهما أنَّهما يظنَّان به سوءًا لما تقرَّر عنده من صدق إيمانهما، ولكن خشي عليهما أن يوسوس لهما الشَّيطان ذلك لأنَّهما غير معصومين، فقد يفضي بهما ذلك إلى الهلاك، فبادر إلى إعلامهما حسمًا للمادَّة وتعليمًا لمن بعده إذا وقع له مثل ذلك، وقد روى الحاكم: أنَّ الشَّافعيَّ كان في مجلس ابن عُيَيْنة، فسأله عن هذا الحديث، فقال الشَّافعيُّ: إنَّما قال لهما ذلك لأنَّه خاف عليهما الكفر إن ظنَّا به التُّهمة، فبادر إلى إعلامهما نصيحةً لهما قبل أن يقذف الشَّيطان في نفوسهما شيئًا يهلكان به، وفي «طبقات العباديِّ»: أنَّ الشَّافعيَّ سُئِل عن


(١) في (س): «رأياه»، وفي (ج) و (ل): «فلما رآه استحيا».
(٢) «أي»: ليس في (ص) و (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>