للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لئلَّا يلتبس بالفاعل (١)، ومقتضاه منع ما ذكرته من الإعراب، وأجاب: بأنَّه بعد دخول النَّاسخ يجوز، نحو: كان يقوم زيدٌ، خلافًا لقومٍ، وصرَّح به في «التَّسهيل». انتهى. والمراد بالصَّفق هنا: التَّبايع؛ لأنَّهم كانوا إذا تبايعوا تصافقوا بالأكفِّ، أمارةً (٢) لانتزاع المبيع (٣)؛ لأنَّ الأملاك إنَّما تُضاف إلى الأيدي، والمقبوضُ تبعٌ لها، فإذا تصافقت الأكفُّ انتقلت (٤) الأملاك، واستقرَّت كلُّ يدٍ منها على ما صار لكلِّ واحدٍ منهما من ملك صاحبه. وهذا موضع التَّرجمة؛ لأنَّه وقع في زمنه ، واطَّلع عليه، وأقرَّه. (وَكُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللهِ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي) بكسر الميم وسكون اللَّام ثم همزة: مقتنعًا بالقوت، فلم يكن لي غيبةٌ عنه (فَأَشْهَدُ) رسول الله (إِذَا غَابُوا) أي: إخوتي من المهاجرين (وَأَحْفَظُ) حديثه (إِذَا نَسُوا) بفتح النُّون وضمِّ المهملة المخفَّفة (وَكَانَ يَشْغَلُ إِخْوَتِي مِنَ الأَنْصَارِ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ) في الزِّراعة، و «عمل» فاعل «يشغل»، و «إخوتي» مفعولٌ، وهو بالمثنَّاة الفوقيَّة في الموضعين (وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا مِنْ مَسَاكِينِ الصُّفَّةِ) التي كانت منزلَ غرباءِ فقراء الصَّحابة بالمسجد الشَّريف النَّبويِّ (أَعِي) استئنافٌ أو حالٌ من الضَّمير في «كنتُ» وإن كان مضارعًا و «كان» ماضيًا؛ لأنَّه لحكايةِ الحال الماضية، أي: أحفظ (حِينَ يَنْسَوْنَ) لم يقل: أشهد إذا غابوا؛ لأنَّ غيبة الأنصار كانت أقلَّ، لأنَّ المدينة بلدهم، ووقت الزِّراعةِ قصيرٌ، فلم يعتدَّ به (وَقَدْ قَالَ رَسُولُ الله فِي حَدِيثٍ يُحَدِّثُهُ: إِنَّهُ لَنْ يَبْسُطَ أَحَدٌ ثَوْبَهُ حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالَتِي هَذِهِ ثُمَّ يَجْمَعَ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ إِلَّا وَعَى مَا أَقُولُ) أي: حفظه (فَبَسَطْتُ نَمِرَةً) كانت (عَلَيَّ) بفتح النُّون وكسر الميم: كساءً ملوَّنًا كأنه من النَّمِر؛ لما فيه من سوادٍ وبياضٍ، وقال ثعلب: ثوبٌ مخطَّطٌ (حَتَّى إِذَا قَضَى رَسُولُ اللهِ مَقَالَتَهُ جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِي، فَمَا نَسِيتُ مِنْ مَقَالَةِ رَسُولِ اللهِ تِلْكَ مِنْ شَيْءٍ) ووقع في «التِّرمذيِّ» التَّصريحُ بهذه المقالةِ المبهمة في حديث أبي هريرة ولفظه: قال رسول الله : «ما من رجلٍ يسمع كلمةً أو كلمتين ممَّا فرضَ الله تعالى عليه فيتعلَّمهنَّ ويُعلِّمهنَّ إلَّا دخل الجنَّة»، ومقتضى قوله: «فما نسيتُ مِن مقالةِ رسول الله تلك من شيءٍ» تخصيصُ عدم النِّسيان بهذه المقالة فقط، لكن وقع في «باب حفظ العلم» [خ¦١١٩]


(١) في (ص): «بالقائم».
(٢) في (ج) و (د): «إشارةً». وبهامش (ج): «أمارة».
(٣) في (د) و (ص): «البيع».
(٤) في (د): «انقلبت».

<<  <  ج: ص:  >  >>