للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا يردُّ على من منع ركوب البحر في إبَّان ركوده (١)، وهذا (٢) قولٌ يروى عن عمر ، ولمَّا كتب إلى عمرو بن العاص يسأله عن البحر، فقال: خلقٌ عظيمٌ، يركبه خلقٌ ضعيفٌ، دودٌ (٣) على عودٍ، فكتب إليه عمر أنْ لا يركبه أحدٌ طول حياته، فلمَّا كان بعد عمر لم يزل يُركَب حتى كان عمر بن عبد العزيز، فاتَّبع فيه رأي عمر ، وكان مَنْعُ عمر لشدَّة شفقته على المسلمين، وأمَّا إذا كان إبَّان (٤) هيجانه وارتجاجه فلا يجوز ركوبه؛ لأنَّه تعرُّض للهلاك، وقد نهى الله عباده عن ذلك بقوله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: ١٩٥]. قال البخاريُّ: (وَالفُلْكُ) في الآية: هي (السُّفُنُ) بضمِّ السِّين والفاء، جمع سفينة، وسُمِّيت سفينةً؛ لأنَّها تسفن وجه الماء، أي: تقشره، فعيلةٌ بمعنى: فاعلةٍ، والجمع: سفائن وسُفُنٌ وسَفينٌ، وقوله: (الوَاحِدُ وَالجَمْعُ) (٥) وسقطت الواو من قوله «والفلك» لأبي ذرٍّ، ولأبي ذرٍّ وابن عساكر: «والجميع» (سَوَاءٌ) يعني: في الفلك، بدليل قوله تعالى: ﴿فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾ [يس: ٤١] وقوله: ﴿حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم﴾ [يونس: ٢٢] فذكره في الإفراد والجمع بلفظٍ واحدٍ. (وَقَالَ مُجَاهِدٌ) فيما وصله الفِرْيابيُّ في «تفسيره» وعبد بن حميدٍ من وجهٍ آخرَ: (تَمْخَرُ) بفتح التاء وسكون الميم وفتح الخاء المعجمة، أي: تشقُّ (السُّفُنُ الرِّيحَ) برفع «السُّفن» على الفاعليَّة، ونصب «الرِّيح» على المفعوليَّة، كذا في فرع «اليونينيَّة»، قال عياضٌ: وهو رواية الأَصيليِّ، وهو الصَّواب، ويدلُّ له (٦) قوله تعالى: ﴿مَوَاخِرَ فِيهِ﴾ [النحل: ١٤] إذ جعل الفعل للسُّفن، وقال الخليل: مخرت السَّفينة الرِّيح إذا استقبلته، وقال أبو عبيدٍ وغيره: هو شقُّها الماء، وعلى هذا فـ «السَّفينة» رفعٌ على الفاعليَّة، ولأبي ذرٍّ وابن عساكر: «من الرِّيح»، وفي نسخة -قال عياض:


(١) في (د): «في غير أوان هيجانه»، وفي غير (س): «ركوبه».
(٢) في (ب) و (س): «وهو».
(٣) في (ج) و (ل): «دور».
(٤) في (د): «أيَّام».
(٥) «وقوله: الواحد والجمع»: جاء في (س) بعد قوله: «لأبي ذرٍّ».
(٦) في (د): «عليه».

<<  <  ج: ص:  >  >>