للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ممتدٌّ زمن عدم تفرُّقهما، وذلك لأنَّ «ما» مصدريَّةٌ ظرفيَّةٌ، وفي حديث عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه عبد الله بن عمرو بن العاص عند البيهقيِّ والدَّارقُطنيِّ: «ما لم يتفرَّقا عن مكانهما» وذلك صريحٌ في المقصود، وسمَّاهما المتبايعين -وهما المتعاقدان- لأنَّ البيع من الأسماء المشتقَّة من أفعال الفاعلين، وهي لا تقع في الحقيقة إلَّا بعد حصول الفعل وليس بعد العقد تفرُّقٌ إلَّا بالأبدان، وقيل: المراد: التَّفرُّق (١) بالأقوال وهو الفراغ من العقد، فإذا تعاقدا صحَّ البيع ولا خيار لهما إلَّا أن يشترطا، وتسميتهما بالمتبايعين يصحُّ أن يكون بمعنى: المتساومين، من باب: تسمية الشَّيء بما يؤول إليه أو يقرب منه، وتعقَّبه ابن حزمٍ بأنَّ خيار المجلس ثابتٌ بهذا الحديث سواءٌ قلنا: التَّفرُّق بالكلام أو بالأبدان، أمَّا حيث قلنا: «بالأبدان» فواضحٌ، وحيث قلنا: «بالكلام» فواضحٌ أيضًا لأنَّ قول أحد (٢) المتبايعين مثلًا: بعتُكَهُ بعشرةٍ، وقول المشتري: بل بعشرين مثلًا افتراق في الكلام بلا شكٍّ، بخلاف ما لو قال: اشتريته بعشرةٍ، فإنَّهما حينئذٍ متوافقان، فيتعيَّن ثبوت الخيار لهما حين يتَّفقان لا حين يفترقان (٣) وهو المُدَّعى، وأمَّا قوله: المراد بالمتبايعين: المتساومان، فمردودٌ؛ لأنَّه مجازٌ، والحمل على الحقيقة أو ما يقرب منها أَولى، قال البيضاويُّ: ومن نفى خيار المجلس ارتكب مجازين؛ بحمله التَّفرُّق على الأقوال، وحمله المتبايعين على المتساومين (إِلَّا بَيْعَ الخِيَارِ) استثناءٌ من أصل الحكم،


(١) قوله: «إلَّا بالأبدان، وقيل: المراد: التَّفرُّق»: ليس في (ص).
(٢) «أحد»: ليس في (ص) و (م) و (ل).
(٣) في (د): «يتفرَّقان».

<<  <  ج: ص:  >  >>