المُرَاد بذلك: مع مراعاة باقي الصِّفات التي هي أركان الإسلام، أو يكون المُرَاد: أفضل المسلمين، كما قاله الخطَّابيُّ، وعبَّر بـ «اللِّسان» دون القول ليدخل فيه من أخرج لسانه استهزاءً بصاحبه، وقدَّمه على اليد لأنَّ إيذاءَه أكثرُ وقوعًا وأشدُّ نكايةً، ولله دَرُّ القائل:
جراحاتُ السِّنانِ (١) لها التئامُ … ولا يلتامُ ما جَرَحَ اللسانُ
وخصَّ اليدَ مع أنَّ الفعل قد يحصل بغيرها لأنَّ سلطنة الأفعال إنَّما تظهر بها؛ إذ بها البطش، والقطع والوصل، والأخذ والمنع، ومن ثمَّ غُلِّبت، فقِيلَ في كلِّ عملٍ: هذا ممَّا عملت أيديهم، وإن كان مُتعذَّر الوقوع بها، فالمراد من الحديث ما هو أعمُّ من الجارحة؛ كالاستيلاء على حقِّ الغير من غير حقٍّ، فإنَّه أيضًا إيذاءٌ، لكنه ليس باليد الحقيقية.
ثمَّ عطف على ما سبق قوله:(وَالمُهَاجِرُ) أي: المهاجر حقيقةً (مَنْ هَجَرَ) أي: ترك (مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ) كأنَّ المهاجرين خُوطِبوا بذلك لئلَّا يتَّكلوا على مجرَّد الانتقال من دارهم، أو وقع ذلك بعد انقطاع الهجرة؛ تطييبًا لقلوب من لم يدرك ذلك.
وفي إسناد هذا الحديث: التَّحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلِّف أيضًا في «الرِّقاق»[خ¦٦٤٨٤]