للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالأمر الحافظ له، ثمَّ غلب استعماله فيمن يدخل بين البائع والمشتري في ذلك، ولكنَّ المراد به هنا أخصُّ من ذلك، وهو أن يدخل بين البائع البادي والمشتري الحاضر أو عكسه، والسَّمسرة: البيع والشِّراء، ولأبوي ذرٍّ والوقت والأَصيليِّ وابن عساكر: «لا يشتري» بدل قوله: «لا يبيع»، فيكون قياسًا على البيع، أو استعمالًا للفظ البيع في البيع والشِّراء (وَكَرِهَهُ) أي: كره البيعَ والشِّراء المذكورين (ابْنُ سِيرِينَ) محمَّدٌ، فيما وصله أبو عَوانة (وَإِبْرَاهِيمُ) النَّخعيُّ (لِلْبَائِعِ وَالمُشْتَرِي) ولأبي ذرٍّ -كما في الفرع-: «وللمشتري»، ورواه أبو داود (١) من طريق أبي بلالٍ (٢) عن ابن سيرين عن أنسٍ كان يُقال: لا يبيع حاضرٌ لبادٍ، وهي كلمةٌ جامعةٌ، لا يبيع له شيئًا ولا يبتاع له شيئًا، قال الحافظ ابن حجرٍ: ولم أقف لإبراهيم النَّخعيِّ على ذلك صريحًا، لكن (قَالَ إِبْرَاهِيمُ) مستدلًّا لِما ذهب إليه من التَّسوية في الكراهة بين بيع الحاضر للبادي وبين شرائه له: (إِنَّ العَرَبَ تَقُولُ: بِعْ لِي ثَوْبًا، وَهْيَ تَعْنِي) أي: تقصد وتريد: (الشِّرَاءَ) وللحَمُّويي والمُستملي: «وهو يعني»، قال الكِرمانيُّ: وهو صحيحٌ على مذهب من جوَّز استعمال اللَّفظ المشترك في معنييه، اللَّهمَّ إلَّا أن يُقال: إنَّ (٣) البيع والشِّراء ضدَّان، فلا تصحُّ إرادتهما معًا، فإن قلت: فما وجهه (٤)؟ قلت: وجهه أن يُحمَل على عموم المجاز. انتهى. قال البرماويُّ (٥): ولا تضادَّ في استعمالهما، كالقرء للطُّهر والحيض. انتهى. قال ابن حبيبٍ من المالكيَّة: الشِّراء للبادي مثل البيع؛ لقوله [خ¦٢١٥٠]: «لا يبيع بعضكم على بيع بعضٍ»، فإنَّ معناه الشِّراءُ، وعن مالكٍ في ذلك روايتان، وقال أصحابنا الشَّافعيَّة: ولو قدم البادي يريد الشِّراء فتعرَّض له حاضرٌ يريد أن يشتري له (٦) رخيصًا -وهو المُسمَّى بالسِّمسار- فهل يحرم عليه كما في البيع؟ تردَّد فيه في «المَطْلَبِ»، واختار البخاريُّ المنعَ، وقال الأذرعيُّ: ينبغي الجزم به.


(١) في (د ١): «عوانة»، والمثبت موافقٌ لما في «الفتح» (٤/ ٤٣٦).
(٢) في (ب) و (س): «هلال»، والمثبت موافقٌ لما في «الفتح» (٤/ ٤٣٦).
(٣) «إنَّ»: ليس في (د) و (ص).
(٤) في (د) و (د ١): «توجيهه».
(٥) في (د ١): «الكِرمانيُّ»، وكلاهما صحيحٌ.
(٦) «له»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>