للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا كان أحد العوضين بالنَّسيئة، وأمَّا إذا كانا متفاضلين فلا ربًا فيه، أي: لا يشترط عنده المساواة في العوضين، بل يجوز بيع الدِّرهم بالدِّرهمين (فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَأَلْتُهُ) ولمسلمٍ: قد لقيت ابن عبَّاس (فَقُلْتُ) له: (سَمِعْتَهُ) بحذف همزة الاستفهام، أي: أسمعته (١) (مِنَ النَّبِيِّ أَوْ وَجَدْتَهُ فِي كِتَابِ اللهِ) تعالى؟ (قَالَ) ولأبي ذرٍّ: «فقال»: (كُلُّ ذَلِكَ لَا أَقُولُ) برفع «كلُّ» كما في الفرع، أي: لم يكن السَّماع ولا الوجدان، وفي بعض الأصول بالنَّصب، قال في «الفتح» كـ «التَّنقيح»: على أنَّه مفعولٌ مقدَّمٌ، وهو في المعنى نظير قوله في حديث ذي اليدين: «كلَّ ذلك لم يكن»، فالمنفيُّ هو المجموع. انتهى. وحينئذٍ فيكون لسلب الكلِّ، بخلاف وجه الرَّفع؛ فإنَّه لعموم السَّلب، وهو أبلغ وأعمُّ من سلب الكلِّ على ما لا يخفى، وهو مراد ابن عبَّاسٍ؛ لأنَّه ليس مراده نفيَ المجموع من حيث هو مجموعٌ حتَّى يكون البعض ثابتًا، وإذا نصبت «كلّ» كانت داخلةً في حيِّز النَّفي ضرورة أنَّ نصبها بـ «أقول» الواقع بعد حرف النَّفي، فيكون التَّركيب هكذا: لا أقول كلَّ ذلك، فيكون المعنى: بل أقول بعضه وليس هو المراد (٢)، فتعيَّن أنَّ مراده نفي كلِّ واحدٍ من الأمرين، أي: لم أسمعه من رسول الله ، ولا وجدته في كتاب الله، ثمَّ كيف يكون التَّركيب مع نصب «كلَّ» نظير «كلَّ ذلك لم يكن» والمنفيُّ هنا في حيِّز «كلٍّ»، وفي النَّصب هي في حيِّز النَّفي؟ نعم إن رُفِعَ «كلُّ» من قوله: «كلُّ ذلك لا أقول» على أنَّه مبتدأ، و «لا أقول» خبره، والعائد محذوفٍ، أي: أقوله، على حدِّ قوله:

قد أصبحتْ أمُّ الخِيَار تدَّعي

عليَّ ذنبًا كلُّه لم أصنعِ

برفع «كلّ»، وحذف العائد، أي: لم أصنعه؛ فحينئذٍ (٣) يكون نظير «كلُّ ذلك لم يكن»،


(١) زيد في (د): «كما هو لأبي ذرٍّ»، وليس بصحيحٍ.
(٢) «وليس هو المراد»: ليس في (م).
(٣) في (ج) و (ل): «لم أصنعه، أي: حينئذٍ أن يكون».

<<  <  ج: ص:  >  >>