للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يترك منه شيئًا (اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ) الإعطاءَ (ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ) ذاتِك المقدَّسةِ (فَافْرُجْ عَنَّا) بضمِّ الرَّاء (فَكُشِفَ عَنْهُمْ) بضمِّ الكاف وكسر المعجَمة، أي: كَشَف الله عنهم باب الغار، زاد في «الإجارة» [خ¦٢٢٧٢]: فخرجوا يمشون.

وموضع التَّرجمة من هذا الحديث قوله: «إنِّي استأجرت … » إلى آخره، فإنَّ فيه تصرُّفَ الرَّجل في مال الأجير بغير إذنه، فاستدلَّ به المؤلِّف رحمه الله تعالى على جواز بيع الفضوليِّ وشرائه، وطريق الاستدلال به ينبني على أنَّ شرع من قبلنا شرعٌ لنا، والجمهور على خلافه، لكن تقرَّر أنَّ النَّبيَّ ساقه سياق المدح والثَّناء على فاعله، وأقرَّه على ذلك، ولو كان لا يجوز لبيَّنه، فبهذا التَّقرير يصحُّ الاستدلال به، لا بمجرد كونه شَرْعَ مَنْ قبلنا، والقول بصحَّة بيع الفضوليِّ هو مذهب المالكيَّة، وهو القول القديم للشَّافعيِّ (١)، فينعقد موقوفًا على إجازة المالك، إن أجازه نفذ (٢)، وإلَّا لغا، والقول الجديد: بطلانه؛ لأنَّه ليس بمالكٍ ولا وكيلٍ ولا وليٍّ، ويجري القولان فيما لو اشترى لغيره بلا إذنٍ بعينِ مالِهِ أو في ذمَّته، وفيما لو زوَّج أمة غيره أو ابنته، أو طلَّق منكوحته، أو أعتق عبده، أو آجر دابَّته بغير إذنه، وقد أجيب عمَّا وقع هنا بأنَّ الظَّاهر أنَّ الرَّجل الأجير لم يملك الفَرَق؛ لأنَّ المستأجر لم يستأجره بفَرَقٍ معيَّنٍ، وإنَّما استأجره بفَرَقٍ في الذِّمَّة، فلمَّا عرض عليه قبضه امتنع لرداءته، فلم يدخل في ملكه، بل بقي في (٣) حقِّه متعلِّقًا بذمَّة المستأجر؛ لأنَّ ما في الذِّمَّة لا يتعيَّن إلَّا بقبضٍ صحيحٍ، فالنِّتاج الذي حصل على ملك المستأجر تبرَّع به (٤) للأجير بتراضيهما، وغاية ذلك أنَّه أحسن القضاء، فأعطاه حقَّه وزياداتٍ كثيرةً، ولو كان الفَرَق تعيَّن للأجير؛ لكان تصرُّف المستأجر فيه تعدِّيًا، ولا يُتوسَّل إلى الله بالتَّعدِّي وإن كان مصلحةً في حقِّ (٥) صاحب الحقِّ (٦)، وليس أحدٌ في حجر غيره حتَّى يبيع أملاكه ويُطلِّق زوجاته ويزعم أنَّ ذلك أحظى (٧) لصاحب الحقِّ، وإن كان أحظى فكلُّ أحدٍ أحقُّ بنفسه وماله من النَّاس أجمعين.


(١) زيد في (ب) و (س): «».
(٢) «نفذ»: ليس في (د).
(٣) «في»: ليس في (د) و (د ١).
(٤) «به»: ليس في (ص) و (م).
(٥) «حقِّ»: ليس في (ص) و (م).
(٦) في (ص): «مصلحة لصاحبه الحقُّ».
(٧) في (د) و (س): «أحسن».

<<  <  ج: ص:  >  >>