للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورأى علامات النُّبوَّة أسلم، فقال له رسول الله : «كاتِبْ عن (١) نفسك»، وقد رُويَت قصَّته من طرقٍ كثيرةٍ، من أصحِّها ما أخرجه أحمد، وعلَّق البخاريُّ منها ما تراه، وفي سياق قصَّته في إسلامه اختلافٌ يتعسَّر الجمع فيه، وروى البخاريُّ في «صحيحه» [خ¦٣٩٤٦] عن سلمان أنَّه تداوله بضعة عشر سيِّدًا (وَسُبِيَ عَمَّارٌ): هو ابن ياسر العنسيُّ -بالعين والسِّين المهملتين بينهما نونٌ ساكنةٌ- ولم يكن عمَّارٌ سُبِيَ لأنَّه كان غريبًا، وإنَّما سكن أبوه مكَّة، وحالف بني مخزوم، فزوَّجوه سميَّة، وكانت من مواليهم، فولدت له عمَّارًا، فيحتمل أن يكون المشركون عاملوا عمَّارًا معاملة السَّبي؛ لكون أمِّه من مواليهم (وَ) سُبِيَ (صُهَيْبٌ): هو ابن سنان بن مالكٍ، وهو الرُّوميُّ، قيل له ذلك لأنَّ الرُّوم سَبَوه صغيرًا، ثمَّ اشتراه رجلٌ من كلبٍ فباعه بمكَّة، فاشتراه عبد الله بن جُدْعان التَّيميُّ فأعتقه، ويقال: بل هرب من الرُّوم، فقدم مكَّة فحالف ابن جُدْعان، وروى ابن سعدٍ: أنَّه أسلم هو وعمَّار ورسول الله في دار الأرقم (وَبِلَالٌ): هو ابن رباحٍ الحبشيُّ المؤذِّن، وأمُّه حمامة، اشتراه أبو بكر الصِّدِّيق من المشركين لمَّا كانوا يعذِّبونه على التَّوحيد فأعتقه (وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ﴾) فمنكم غنيٌّ ومنكم فقيرٌ، ومنكم موالٍ يتولُّون رزقهم ورزق غيرهم، ومنكم مماليك حالهم على خلاف ذلك (﴿فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ﴾) بمعطي رزقهم (﴿عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾) على مماليكهم، فإنَّما يردُّون عليهم رزقهم الَّذي جعله الله في أيديهم (﴿فَهُمْ فِيهِ سَوَاء﴾) فالموالي والمماليك سواءٌ في أنَّ الله رزقهم، فالجملة لازمةٌ للجملة المنفيَّة أو مقرِّرة لها، ويجوز أن تكون واقعةً موقع الجواب، كأنَّه قيل: ﴿فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ فيستووا في الرِّزق، على أنَّه ردٌّ وإنكارٌ على المشركين، فإنَّهم يشركون بالله بعض مخلوقاته في الألوهيَّة، ولا يرضون أن تشاركهم عبيدهم فيما أنعم الله عليهم فتساويهم فيه (﴿أَفَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَجْحَدُونَ﴾ [النحل: ٧١]) حيث يتَّخذون له شركاء، فإنَّه يقتضي أن يُضاف إليهم بعض ما أنعم الله عليهم، ويجحدوا أنَّه من عند الله، أو حيث أنكروا أمثال (٢) هذه الحجج بعدما أنعم الله عليهم بإيضاحها، قاله البيضاويُّ.


(١) في (د): «على»، وهو تحريفٌ.
(٢) في (د): «امتثال»، وفي (م): «مثال».

<<  <  ج: ص:  >  >>