للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البخاريِّ هل فيها بالمُثلَّثة، فالله أعلم، ولغير أبي ذرٍّ زيادة: «كيل» (فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ) قال في «المصابيح»: انظر قوله في جواب هذا: «فليسلف (١) في كيلٍ معلومٍ ووزنٍ معلومٍ» مع أنَّ المعيارَ الشَّرعيَّ في التَّمر -بالمُثنَّاة-: الكيلُ لا الوزنُ. انتهى. وهذا قد أجابوا عنه: بأنَّ الواو بمعنى «أو»، والمراد: اعتبار الكيل فيما يُكال، والوزن فيما يُوزَن (٢)، وقال النَّوويُّ في «شرح مسلمٍ»: معناه: إنْ أَسْلَمَ كيلًا أو وزنًا فليكن معلومًا، وفيه دليلٌ لجواز السَّلم في المكيل وزنًا، وهو جائزٌ بلا خلافٍ، وفي جواز السَّلم في الموزون كيلًا وجهان لأصحابنا، أصحُّهما جوازُه كعكسه. انتهى. وهذا بخلاف الرِّبويَّات؛ لأنَّ المقصود هنا معرفة القدر، وهناك المماثلة بعادة عهده ، وحمل الإمام إطلاق الأصحاب جواز كيل الموزون على ما يُعَدُّ الكيل في مثله ضابطًا حتَّى لو أسلم في فتات المسك والعنبر ونحوهما (٣) كيلًا لم يصحَّ؛ لأنَّ للقدر اليسير منه ماليَّةً كثيرةً، والكيل لا يُعَدُّ ضابطًا فيه.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في «السَّلم» [خ¦٢٢٤٠]، ومسلمٌ في «البيوع»، وكذا أبو داود والتِّرمذيُّ، وأخرجه النَّسائيُّ فيه وفي «الشُّروط»، وابن ماجه في «التِّجارات».

وبه قال: (حَدَّثَنَا) وبالإفراد لأبي ذرٍّ (مُحَمَّدٌ) غير منسوبٍ، قال الجيَّانيُّ: هو ابن سلامٍ، وبه جزم الكلاباذيُّ قال: (أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ) ابن عُلَيَّة (عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ) عبد الله بن يسارٍ (بِهَذَا) الحديث المذكور: (فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ) الواو بمعنى «أو» لأنَّا لو أخذناها على ظاهرها من معنى الجمع لزم أن يجمع في الشَّيء الواحد بين المُسلَم فيه كيلًا ووزنًا، وذلك يفضي إلى عزَّة الوجود، وهو مانعٌ من صحَّة السَّلم، فتعيَّن الحمل على التَّفصيل.


(١) في (د) و (ص) و (م): «فليسلفه»، وكذا في المصابيح، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
(٢) قال السندي في «حاشيته»: لا يخفى أنَّ هذا ليس بجواب عن كلام «المصابيح»، ولا يصلح له إذ التَّمر -بالتاء المثناة- لا يصلحُ أن يردد فيه بين الكيل والوزن كما لا يصلحُ أن يجمع فيه بينهما، وإنَّما جوابهم المذكور جواب عمَّا يقال: كيف يصحُّ الواو مع أنَّ المبيع الواحد لا يصلحُ لاجتماع الكيل والوزن، فأجابوا بحمل الواو على معنى «أو»، وقد يجابُ عن هذا الإيراد بتقدير الشَّرط أو الظرف، أي: بكيلٍ معلومٍ إن كان المبيع كيليًّا أو في الكيل، فافهم، والله تعالى أعلم.
(٣) «ونحوهما»: ليس في (ص) و (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>