العشرة، وهم ألوفٌ، وأُجِيب: بأنَّ القلَّة والكثرة إنَّما يُعتَبران في نكرات الجموع، أمَّا في المعارف فلا فرق بينهما (وَآيَةُ النِّفَاقِ) الذي هو: إظهار الإيمان وإبطان الكفر (بُغْضُ الأَنْصَارِ) إذا كان من حيث إنَّهم أنصاره ﵊؛ لأنَّه لا يجتمع مع التَّصديق، وإنَّما خُصُّوا بهذه المنقبة العظيمة والمنحة الجسيمة لِمَا فازوا به من نصره (١)﵊، والسَّعي في إظهاره وإيوائه وأصحابه، ومواساتهم بأنفسهم وأموالهم، وقيامهم بحقِّهم حقَّ القيام، مع مُعادَاتهم جميع من وُجِدَ من قبائل العرب والعجم، فمن ثمَّ كان حبُّهم علامة الإيمان، وبغضهم علامة النِّفاق؛ مجازاةً لهم على عملهم، والجزاء من جنس العمل، وقال في «شرح المشكاة»: وإنَّما كان كذلك لأنَّهم تبوَّؤُوا الدَّار والإيمان وجعلوه مُستَقَرًّا وموطنًا؛ لتمكُّنهم منه واستقامتهم عليه، كما جعلوا المدينة كذلك، فَمَنْ أحبَّهم فذلك من كمال إيمانه، ومَنْ أَبْغَضَهم فذلك من علامة نفاقه، فإن قلت: لمَ عَدل عن لفظ الكفر إلى لفظ النِّفاق؟ أُجِيب: بأنَّ الكلام فيمن ظاهره الإيمان وباطنه الكفر، فميَّزهم عن ذوي الإيمان الحقيقيِّ، فلم يقل: وآية الكفر كذا، إذ هو ليس بكافرٍ ظاهرًا.
وهذا الحديث وقع للمؤلِّف رباعيَّ الإسناد، ولـ «مسلمٍ» خماسيَّه، وفيه راوٍ وافق اسمُه اسمَ أبيه، وفيه: التَّحديث، والإخبار بالجمع والإفراد، والسَّماع، وأخرجه المؤلِّف أيضًا في «فضائل الأنصار»[خ¦٣٧٨٤]، ومسلمٌ، والنَّسائيُّ.