للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«كان» النَّاقصة، واسمها ضميرٌ مستترٌ فيها يعود على انتهاء عملهم المفهوم من السِّياق، وبالرَّفع على أنَّه فاعلُ «كان» التَّامَّة (قَالُوا: لَكَ مَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ، وَلَكَ الأَجْرُ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا فِيهِ) فكفروا وتولَّوا وحبط عملهم كاليهود (فَقَالَ لَهُمَ: أَكْمِلوا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمْ، فَإِنَّ مَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ شَيْءٌ يَسِيرٌ) بالنِّسبة لِمَا مضى منه، والمراد: ما بقي من الدُّنيا (فَأَبَوا) أن يعملوا وتركوا أجرهم، وفي رواية غير أبوي ذرٍّ والوقت: «واستأجر أجِيرَين» بجيمٍ مكسورةٍ فمُثنَّاةٍ تحتيَّةٍ ساكنةٍ فراءٍ مفتوحةٍ على التَّثنية «فقال لهما: أكملا بقيَّة يومكما هذا ولكما الذي شرطت لهم من الأجر، فعملا (١) حتَّى إذا كان حين صلاة العصر قالا: لك ما عملنا باطلٌ، ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه، فقال لهما: أكملا بقيَّة عملكما، فإنَّ ما بقي من النَّهار شيءٌ يسير، فأبيا»، وفي حديث ابن عمر السَّابق [خ¦٢٢٦٩]: أنَّه استأجر اليهود من أوَّل النَّهار إلى نصفه، والنَّصارى منه إلى العصر، فبين الحديثين مغايرةٌ، وأُجيب بأنَّ ذلك بالنِّسبة إلى من عجز عن الإيمان بالموت قبل ظهور دينٍ آخر، وهذا بالنِّسبة إلى من أدرك دين الإسلام ولم يؤمن به، والظَّاهر أنَّهما قضيَّتان، وقد قال ابن رشيدٍ ما حاصله: إنَّ حديث ابن عمر سيق مثالًا (٢) لأهل الأعذار؛ لقوله: «فعجزوا»، فأشار إلى أنَّ من عجز عن استيفاء العمل من غير أن يكون له صنيعٌ في ذلك أنَّ الأجر يحصل له تامًّا بفضل الله، قال: وذكر حديث أبي موسى مثالًا لمن أخَّر لغير عذرٍ، وإلى ذلك الإشارة بقوله عنهم: «لا حاجة لنا إلى أجرك»، فأشار بذلك إلى أنَّ من أخَّر عامدًا لا يحصل له ما حصل لأهل الأعذار. انتهى. ووقع في رواية سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه الماضية في «باب من أدرك ركعةً من العصر» [خ¦٥٥٧] الآتية -إن شاء الله تعالى- في «التَّوحيد» [خ¦٧٤٦٧] ما يوافق رواية أبي موسى، ولفظها: «فعملوا حتَّى إذا انتصف النَّهار عجزوا، فأُعْطُوا قيراطًا قيراطًا»، وقال في أهل الإنجيل: «فعملوا إلى صلاة العصر ثمَّ عجزوا فأُعْطُوا قيراطًا قيراطًا»، فهو يدلُّ على أن مبلغ الأجرة لليهود لعمل النَّهار كلِّه قيراطان، وأجر النَّصارى للنِّصف الباقي قيراطان، فلمَّا عجزوا عن العمل قبل تمامه لم يصيبوا إلَّا قدر عملهم، وهو قيراطٌ. (وَاسْتَأْجَرَ) بالواو، ولأبي ذرٍّ: «فاستأجر» بالفاء (قَوْمًا) هم المسلمون (أَنْ يَعْمَلُوا لَهُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ، فَعَمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الفَرِيقَيْنِ)


(١) في غير (ب) و (س): «فعملوا».
(٢) في (د): «مثلًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>