للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِالصَّلَاةِ، وَلَا القِرَاءَةِ فِي غَيْرِ دَارِهِ، ثُمَّ بَدَا) أي: ظهر (لأَبِي بَكْرٍ) رأيٌ في أمره بخلاف (١) ما كان يفعله (فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ) بكسر الفاء ممدودًا: ما امتدَّ من جوانبها، وهو أوَّل مسجدٍ بُنِي في الإسلام (وَبَرَزَ) ظهر أبو بكرٍ (فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ، وَيَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَتَقَصَّفُ) بالمُثنَّاة الفوقيَّة بعد التَّحتيَّة، وللكُشْمِيْهَنِيِّ: «فينْقصف» بالنُّون السَّاكنة بدل الفوقيَّة (٢) وتخفيف الصَّاد (عَلَيْهِ نِسَاءُ المُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ) أي: يزدحمون عليه حتَّى يسقط بعضهم على بعضٍ فيكاد ينكسر، وأطلق «يتقصَّف» مبالغةً (يَعْجَبُونَ) زاد الكُشْمِيْهَنِيِّ: «منه» (وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً) بتشديد الكاف، أي: كثير البكاء (لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ) وفي «الهجرة» [خ¦٣٩٠٥]: لا يملك عينيه، أي: لا يملك إسكانهما عن البكاء من رقَّة قلبه (حِينَ يَقْرَأُ القُرْآنَ، فَأَفْزَعَ) بالفاء السَّاكنة وبعدها زايٌ، أي: أخافَ (ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ) لِمَا يعلمون من رقَّة قلوب النِّساء والشَّباب أن يميلوا إلى دين الإسلام (فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا) بالرَّاء السَّاكنة، وللكُشْمِيْهَنِيِّ: «أجزنا» بالزَّاي بدل الرَّاء (أَبَا بَكْرٍ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، وَإِنَّهُ جَاوَزَ ذَلِكَ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَأَعْلَنَ الصَّلَاةَ وَالقِرَاءَةَ، وَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ) بفتح أوَّله وكسر ثالثه (أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا) ولأبي ذرٍّ: «أن يُفتَن» بضمِّ أوَّله وفتح ثالثه، مبنيًّا للمفعول، «أبناؤُنا ونساؤُنا» بالرَّفع نائبًا عن الفاعل (فَأْتِهِ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ، وَإِنْ أَبَى) امتنع (إِلَّا أَنْ يُعْلِنَ ذَلِكَ) المذكور من الصَّلاة والقراءة، أي: يجهر (فَسَلْهُ) بسكون اللَّام من غير (٣) همزٍ، فعل أمرٍ (أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ) عهدك له (فَإِنَّا كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ) بضمِّ النُّون وسكون الخاء المعجمة وكسر الفاء وفتح الرَّاء، أي: ننقض عهدك (وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لأَبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلَانَ) أي: لا نسكت على الإنكار عليه خَوْفَ نسائنا وأبنائنا. (قَالَتْ عَائِشَةُ) : (فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ) له: (قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ) مع أشراف قريشٍ (فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ) الذي شرطوه (وَإِمَّا أَنْ تَرُدَّ إِلَيَّ (٤) ذِمَّتِي) عهدي (فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ العَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ) مبنيًّا


(١) في (د): «خلاف».
(٢) «بدل الفوقيَّة»: ليس في (د).
(٣) في (ص): «بغير».
(٤) في (ب): «لي»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».

<<  <  ج: ص:  >  >>