للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وطابت أنفسهم (١) به (لِرَسُولِ اللهِ) أي: لأجله ( لَهُمْ) ولأبي الوقت: «قد طيَّبنا ذلك يا رسول الله لهم»، وسقط لأبي ذرٍّ لفظة «لهم» (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعُوا) بالواو على لغة: «أكلوني البراغيث»، وللكُشْمِيْهَنِيِّ: «حتَّى يرفع» (إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ) جمع عريفٍ؛ وهو الذي يعرف أمور القوم، وهو النَّقيب ودون الرَّئيس، وأراد بذلك التَّقصِّي عن أمرهم استطابةً لنفوسهم (فَرَجَعَ النَّاسُ، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ) في ذلك، فطابت نفوسهم به (ثُمَّ رَجَعُوا) أي: العرفاء (إِلَى رَسُولِ اللهِ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ) أي: القوم (٢) (قَدْ (٣) طَيَّبُوا) ذلك (وَأَذِنُوا) لرسول الله أن يردَّ السَّبي إليهم، وفيه أنَّ إقرار الوكيل عن موكِّله مقبولٌ؛ لأنَّ العرفاء بمنزلة الوكلاء فيما أُقيموا له من أمرهم، وبهذا قال أبو يوسف، وقيَّده أبو حنيفة ومحمَّدٌ بالحاكم، وقال الشَّافعيَّة: لا يصحُّ إقرار الوكيل عن (٤) الموكِّل (٥) بأن يقول: وكَّلتك لتُقِرَّ عنِّي لفلانٍ بكذا، فيقول الوكيل: أقررت عنه بكذا، أو جعلته مقرًّا بكذا؛ لأنَّه إخبارٌ عن حقٍّ، فلا يقبل التَّوكيل كالشَّهادة، لكنَّ التَّوكيل فيه إقرارٌ من الموكِّل لإشعاره بثبوت الحقِّ عليه، وقيل: ليس بإقرارٍ، كما أنَّ التَّوكيل بالإبراء ليس بإبراءٍ، ومحلُّ الخلاف إذا قال: وكَّلتك لتقرَّ عنِّي لفلانٍ بكذا، فلو قال: أَقِرَّ عنِّي لفلانٍ بألفٍ له عليَّ، كان إقرارًا مطلقًا (٦)، ولو قال: أَقِرَّ له عليَّ بألفٍ، لم يكن إقرارًا قطعًا، صرَّح به صاحب التَّعجيز، وليس في الحديث حجَّةٌ لجواز الإقرار من الوكيل؛ لأنَّ العرفاء (٧) ليسوا وكلاء، وإنَّما هم كالأمراء عليهم، فقبول قولهم في حقِّهم بمنزلة قبول قول الحاكم في حقِّ من هو حاكمٌ عليه.


(١) في (ب) و (س): «نفوسهم».
(٢) في (م): «الوفد».
(٣) «قد»: ليس في (ص).
(٤) في (د) و (م): «على».
(٥) في (ب) و (س): «مُوكِّله».
(٦) في (د): «قطعًا».
(٧) في (د): «لأنَّهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>