للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المَدِينَةِ مُزْدَرَعًا) (١) هو مكان الزَّرع، أو مصدرٌ، أي: كنَّا أكثر أهل المدينة زرعًا، ونصبه على التَّمييز، وأصله: مُزترَعًا، فأُبدِلت التَّاء دالًا؛ لأنَّ مخرج التَّاء لا يوافق الزَّاي لشدَّتها (كُنَّا نُكْرِي الأَرْضَ) بضمِّ النُّون من الإكراء (بِالنَّاحِيَةِ مِنْهَا مُسَمًّى) القياس مُسمَّاةً لأنَّه حالٌ من «النَّاحية»، ولكنَّه ذكَّره باعتبار أنَّ ناحية الشَّيء بعضه، أو باعتبار الزَّرع (لِسَيِّدِ الأَرْضِ) أي: مالكها تنزيلًا لها منزلة العبد، وأطلق السَّيِّد عليه (قَالَ) رافع بن خديجٍ: (فَمِمَّا) أي: كثيرًا مّا، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: «فمهما» (يُصَابُ ذَلِكَ) البعض، أي: تقع له (٢) مصيبةٌ ويتلف ذلك (وَتَسْلَمُ الأَرْضُ) أي: باقيها (وَمِمَّا يُصَابُ الأَرْضُ وَيَسْلَمُ ذَلِكَ) البعض، قال في «المصابيح»: الظَّاهر تخريج «فممَّا» على أنَّها بمعنى: «ربَّما» على ما ذهب إليه السِّيرافيُّ وابنا طاهرٍ وخروفٍ والأعلم، وخرَّجوا عليه قول سيبويه: واعلم أنَّهم ممَّا يحذفون كذا. انتهى. ولأبي ذرٍّ: «ومهما» كالأوَّل (٣)، والأولى أولى؛ لأنَّ «مهما» تُستعمَل لأحد معانٍ ثلاثةٍ، أحدها: تضمُّن معنى الشَّرط فيما لا يعقل غير الزَّمان، والثَّاني: الزَّمان والشَّرط، وأنكر الزَّمخشريُّ ذلك، والثَّالث: الاستفهام ولا يناسب «مهما» إلَّا بالتَّعسُّف.

(فَنُهِينَا) عن هذا الإكراء على هذا الوجه؛ لأنَّه موجبٌ لحرمان أحد الطَّرفين فيؤدِّي إلى الأكل بالباطل (وَأَمَّا الذَّهَبُ وَالوَرِقُ) بكسر الرَّاء، وللأَصيليِّ: «والفضَّة» (فَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ) يُكرى بهما، ولم يرد نفي وجودهما، وهذا الباب بمنزلة الفصل من السَّابق، لكن استشكل إدخال الحديث فيه حتَّى قيل: إنَّه وُضِع في غير موضعه من النَّاسخ، وأُجيب بأنَّ وجه دخوله من حيث إنَّ من اكترى أرضًا لمدَّةٍ فله أن يزرع ويغرس فيها ما شاء (٤)، فإذا تمَّت المدَّة فلصاحب الأرض طلبه بقلعهما، فهو من إباحة قطع الشَّجر، وهذا كافٍ في المطابقة، وفيه أنَّ


(١) في (ص): «مزرعًا»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
(٢) في (ب) و (س): «عليه».
(٣) في (د): «كالأولى».
(٤) في (م): «يشاء».

<<  <  ج: ص:  >  >>