للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي هذا الحديث جوازُ المزارعة والمخابرة؛ لتقرير النَّبيِّ لذلك، واستمراره في عهد أبي بكرٍ إلى أن أجلاهم عمر ، وبه قال ابن خزيمة وابن المنذر والخطَّابيُّ، وصنَّف فيهما ابن خزيمة جزءًا بيَّن فيه علل الأحاديث الواردة بالنَّهي عنهما، وجمع بين أحاديث الباب، ثمَّ تابعه الخطَّابيُّ وقال: ضعَّف أحمد ابن حنبل حديث النَّهي، وقال: هو مضطربٌ، وقال الخطَّابيُّ (١): وأبطلها مالكٌ وأبو حنيفة والشَّافعيُّ لأنَّهم لم يقفوا على علَّته (٢)، قال: فالمزارعة جائزةٌ وهي عمل المسلمين في جميع الأمصار، لا يبطل العمل بها أحدٌ، هذا كلام الخطَّابيِّ، والمختار جواز المزارعة والمخابرة، وتأويل الأحاديث على ما إذا شرط لواحدٍ زرع قطعةٍ مُعيَّنةٍ ولآخر أخرى، والمعروف في المذهب إبطالهما، فمتى أُفرِدت الأرض بمخابرةٍ أو مزارعةٍ بطل العقد، وإذا بطلتا فتكون الغلَّة لصاحب البذر؛ لأنَّها نماء ماله، فإن كان البذر للعامل فلصاحب الأرض عليه أجرتها، أو المالكِ فللعامل عليه أجرةُ مثلِ عملهِ وعمل ما يتعلَّق به من آلاته (٣) كالبقر إن حصل من الزَّرع شيءٌ، أو لهما فعلى كلٍّ منهما أجرةُ مثلِ عملِ الآخر بنفسه وآلاته في حصَّته؛ لذلك فإن أراد أن يكون الزَّرع بينهما على وجهٍ مشروعٍ بحيث لا يرجع أحدهما على الآخر بشيءٍ فليستأجر العامل من المالك نصفَ الأرض بنصفِ منافعه ومنافع آلاته (٤) ونصفِ البذر إن كان منه، وإن كان البذر من المالك استأجر المالكُ العاملَ بنصف البذر؛ ليزرعَ له نصفَ الأرض، ويُعيره (٥) نصفَ الأرض الآخر، وإن شاء استأجره بنصفِ البذر ونصفِ منفعةِ تلك الأرض؛ ليزرع له باقِيَه في باقيها، وإن كان البذر لهما أَجَرَه نصفَ الأرض بنصفِ منفعته ومنفعة آلاته (٦)، أو أعاره نصفَ الأرض وتبرَّع العامل بمنفعة بدنه وآلته فيما يخصُّ المالك، أو أَكْرَاهُ نصفها بدينارٍ مثلًا، واكترى العاملَ ليعمل على نصيبه بنفسِه وآلتِه


(١) «وقال الخطَّابيُّ»: ليس في (د).
(٢) في (ص): «لم يقفوا عليه».
(٣) في (د): «الآلة».
(٤) في (ص) و (م): «آلته».
(٥) في (ص): «وبغيره»، وهو تصحيفٌ.
(٦) في (د): «آلته».

<<  <  ج: ص:  >  >>