للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذه الرواية: عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة هي الصَّواب، وأمَّا ما وقع في نسخة أبي ذرٍّ: «وقال إسماعيل: عن ابن عقبة، عن نافعٍ» فهو وهمٌ؛ لأنَّ إسماعيل هو ابن إبراهيم بن عقبة ابن أخي موسى بن عقبة، نبَّه عليه الجيَّانيُّ. وأمَّا موضع التَّرجمة من الحديث ففي قوله: «فعرضت عليه حقَّه فرغب عنه … » إلى آخره، قال ابن المُنيِّر: لأنَّه قد عيَّن له حقه ومكَّنه منه، فبرئت ذمَّته بذلك، فلمَّا تركه وضع المستأجر يده عليه وضعًا مستأنفًا، ثمَّ تصرَّف فيه (١) بطريق الإصلاح لا بطريق التَّضييع، فاغتُفِر ذلك، ولم يُعَدَّ تعدِّيًا (٢) يوجب المعصية، ولذلك توسَّل به إلى الله ﷿، وجعله من أفضل أعماله، وأُقرَّ على ذلك، ووقعت الإجابة له به، ومع ذلك فلو هلك الفَرَْقُ لكان ضامنًا له إذ لم يُؤذَن له في التَّصرُّف فيه، فمقصود التَّرجمة إنَّما هو خلاص الزُّرَّاع من المعصية بهذا القصد، ولا يلزم من ذلك رفع الضَّمان؛ كذا (٣) نقله عنه في «فتح الباري»، وتبعه في «عمدة القاري»، وهو متعقَّبٌ لما قاله ابن المُنيِّر أيضًا في «باب إذا اشترى شيئًا لغيره بغير إذنه فرضي» من «كتاب البيوع» [خ¦٢٢١٥] حيث قال هناك: فانظر في الفَرَْقِ من الذرة هل ملكه الأجير أو لا؟ والظَّاهر أنَّه لم يملكه؛ لأنَّه لم يستأجره بفرقٍ مُعيَّنٍ، وإنَّما استأجره بفرقٍ على (٤) الذِّمَّة، فلمَّا عرض عليه أن يقبضه امتنع، فلم يدخل في ملكه ولم يتعيَّن له، وإنَّما حقُّه في ذمَّة المستأجر، وجميع ما نتج (٥) إنَّما نتج على ملك المستأجر، وغاية ذلك أنَّه أحسن القضاء فأعطاه حقَّه وزياداتٍ كثيرةً. هذا كلامه. وهو مخالفٌ لما قرَّره هنا قطعًا، ويحتمل أن يُقال: إنَّ توسُّله بذلك إنَّما كان لكونه أعطى الحقَّ الذي عليه مضاعفًا لا بتصرُّفه؛ كما أنَّ الجلوس بين رجلي المرأة كان معصيةً، لكنَّ التَّوسُّل لم يكن إلَّا بترك الزِّنا والمسامحة بالمال ونحوه.

وهذا الحديث يأتي -إن شاء الله تعالى- في «ذكر بني إسرائيل» [خ¦٣٤٦٥]، وقد أخرجه البزَّار والطَّبرانيُّ بإسنادٍ حسنٍ عن النُّعمان بن بشيرٍ: أنَّه سمع النَّبيَّ يذكر الرَّقيم قال:


(١) في (م): «منه»، وهو تحريفٌ.
(٢) في (ص): «ما».
(٣) «كذا»: ليس في (د).
(٤) في (د): «في».
(٥) في (د): «ينتج»، وكذا في الموضع اللَّاحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>