للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صلوات الله وسلامه عليه (ثُمَّ قَالَ) للزُّبير: (اسْقِ) نخلك (ثُمَّ احْبِسْ) نفسك عن السَّقي (١) (حَتَّى يَرْجِعَ المَاءُ إِلَى الجَدْرِ وَاسْتَوْعَى) بالعين، وفي نسخةٍ: «واستوفى» (لَهُ) أي: للزُّبير (حَقَّهُ) كاملًا، أي: استوفاه واستوعبه حتَّى كأنَّه جمعه كلَّه في وعاءٍ، بحيث (٢) لم يترك منه شيئًا، وكان أوَّلًا أمره أن يسامح ببعض حقِّه، فلمَّا لم يرض الأنصاريُّ استقصى الحكم وحكم به، وأمَّا قول ابن الصَّبَّاغ وغيره: -إنَّه لمَّا لم يقبل الخصم ما حكم به أوَّلًا، ووقع منه ما وقع أَمَرَهُ أن يستوفيَ أكثرَ من حقِّه؛ عقوبةً للأنصاريِّ لمَّا كانت العقوبة بالأموال- ففيه نظرٌ، لأنَّ سياق الحديث يأبى ذلك لا سيَّما قوله: «واستوعى للزُّبير حقَّه في صريح الحكم» كما في رواية شعيبٍ في «الصُّلح» [خ¦٢٧٠٨] ومَعْمَرٍ في «التَّفسير» [خ¦٤٥٨٥] فمجموع الطُّرق قد دلَّ على أنَّه أمر الزُّبير أوَّلًا أن يترك بعض حقِّه، وثانيًا أن يستوفيه، وقول الكِرمانيِّ تبعًا للخطَّابيِّ -ولعلَّ قوله: «واستوعى له حقَّه» من كلام الزُّهريِّ، إذ عادته الإدراج- فيه شيءٌ؛ لأنَّ الأصل في الحديث أن يكون حكمه كلُّه واحدًا حتَّى يرد ما يُبيِّن ذلك، ولا يثبت الإدراج بالاحتمال. (فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللهِ إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ أُنْزِلَتْ فِي ذَلِكَ ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ [النساء: ٦٥]) وسقط قوله «﴿فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾» لأبي ذرٍّ، وقد جزم هنا بأنَّ الآية نزلت في ذلك، وشكَّ فيما سبق [خ¦٢٣٥٩] حيث قال: «أَحْسِب»، وجُمِع بينهما: بأنَّ الشَّخص قد يشكُّ، ثمَّ يتحقَّق الأمر عنده، وبالعكس، قال ابن جريجٍ: (قَالَ) ولأبي ذرٍّ: «فقال» (لِي ابْنُ شِهَابٍ) محمَّد بن مسلمٍ الزُّهريُّ: (فَقَدَّرَتِ الأَنْصَارُ وَالنَّاسُ) من عطف العامِّ على الخاصِّ (قَوْلَ النَّبِيِّ ) أي: للزُّبير: (اسْقِ، ثُمَّ احْبِسْ) بهمزة وصلٍ فيهما (حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الجَدْرِ، وَكَانَ ذَلِكَ) أي: قوله: «اسق … » إلى آخره، (إِلَى الكَعْبَيْنِ) يعني: قدَّروا الماء الذي يرجع إلى الجدر، فوجدوه يبلغ الكعبين، وهذا هو الذي عليه الجمهور في سقي الأرض بالماء غير المختصِّ إذا تزاحموا عليه، وضاق عنهم، فيسقي (٣)


(١) قال السندي في «حاشيته»: (ثُمَّ قَالَ: اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَرْجِعَ) أي: ثمَّ احبس الماء حتَّى يرجعَ الماء، وقال القسطلاني: ثمَّ احبس نفسك عن السَّقي. قلتُ: ولعلك تعلم أنَّه غير مناسبٍ، والله تعالى أعلم.
(٢) في (د): «عليه حتَّى».
(٣) في (د): «فيستقي».

<<  <  ج: ص:  >  >>