للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نحو: هل تعطيني؟ والثَّالث المتعيِّن بعد الاستفهام في نحو: هل جاءك زيدٌ، ونحو: ﴿فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا﴾ [الأعراف: ٤٤]، ولم يذكر سيبويه معنى الإعلام ألبتَّة، بل قال: وأمَّا «نَعَمْ» فَعِدَةٌ وتصديق، وأما «بلى» فيوجب بها بعد النفي، وكأنه رأى أنه إذا قيل: هل قام زيد؟ فقيل: نعم فهي لتصديق ما بعد الاستفهام، والأولى ما ذكرناه من أنَّها للإعلام، إذ لا يصحُّ أن يُقال (١) لقائل ذلك: صدقت؛ لأنَّه إنشاءٌ لا خبرٌ، وليعلم أنَّه إذا قيل: قامَ زيدٌ؛ فتصديقه «نَعَمْ»، وتكذيبه «لا» ويمتنع دخول «بلى» لعدم النَّفي، وإذا قيل (٢): ما قام زيدٌ؛ فتصديقه «نعم»، وتكذيبه «بلى»، ومنه: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى﴾ [التغابن: ٧] ويمتنع دخول «لا»؛ لأنَّها لنفي الإثبات لا لنفي النَّفي، وإذا قيل: أقام زيدٌ؟ فهو مثل: قام زيدٌ؛ أعني: أنَّك إذا (٣) أثبتَّ القيام؛ قلت: «نعم»، وإذا نفيته «لا»، ويمتنع دخول «بلى»، وإذا قيل: ألم يقم زيدٌ؟ فهو مثل (٤): لم يقم زيدٌ، فتقول إن أثبتَّ القيام «بلى»، ويمتنع دخول «لا»، وإن نفيته قلت: «نعم»، قال تعالى (٥): ﴿أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى﴾ [الأعراف: ١٧٢] وعن ابن عبَّاسٍ أنَّه لو قيل: «نعم» في جواب: ﴿أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ﴾ كان كفرًا، والحاصل: أنَّ «بلى» لا تأتي إلَّا بعد نفيٍ، وأنَّ «لا» (٦) لا تأتي إلَّا بعد إيجابٍ، وأنَّ «نعم» تأتي بعدهما، وإنَّما جاز ﴿بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي﴾ [الزمر: ٥٩] مع أنَّه لم تتقدَّم أداة نفي؛ لأنَّ ﴿لَوْ أَنَّ اللهَ هَدَانِي﴾ [الزمر: ٥٧] يدلُّ على نفي هدايته، ومعنى الجواب حينئذٍ: بلى قد هديتك بمجيء الآيات، أي: قد أرشدتك بذلك.

وهذا الحديث أخرجه البخاريُّ أيضًا في «أحاديث الأنبياء» [خ¦٣٣٦٤] والنَّسائيُّ في «المناقب».


(١) في (د): «يقول».
(٢) قوله: «قامَ زيدٌ؛ فتصديقه … وإذا قيل» سقط من (د).
(٣) في (د): «إنْ»، وكذا في الموضع اللَّاحق.
(٤) قوله: «ألم يقم زيدٌ؟ فهو مثل» سقط من (د).
(٥) قوله: «قلت: نعم، قال تعالى»: سقط من (م)، وفيها: «في جواب».
(٦) «لا»: سقط من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>