للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أي: دقَّ (رَأْسَ جَارِيَةٍ) لم تُسَمَّ هي ولا اليهوديُّ، نعم في رواية أبي داود: أنَّها كانت من الأنصار (بَيْنَ حَجَرَيْنِ) وعند الطَّحاويِّ: عدا (١) يهوديٌّ في عهد رسول الله على جاريةٍ، فأخذ أوضاحًا كانت عليها، وَرَضَخَ (٢) رأسها، والأوضاح نوعٌ من الحليِّ يُعمَل من الفضَّة، ولمسلمٍ: فرضخ رأسها بين حجرين، وللتِّرمذيِّ: خرجت جاريةٌ عليها أوضاحٌ، فأخذها يهوديٌّ فرضخ رأسها، وأخذ ما عليها من الحليِّ، قال: فأُدرِكت (٣) وبها رمقٌ، فأُتِي بها النَّبيُّ (قِيلَ: مَنْ فَعَلَ هَذَا) الرَّضَّ (بِكِ؟ أَفُلَانٌ) فَعَلهُ؟ استفهامٌ استخباريُّ (أَفُلَانٌ) (٤) فَعَلهُ؟ قاله مرَّتين، وفائدته: أن يُعرَف المتَّهم، ليُطالَب (حَتَّى سَمَّى) القائل (اليَهُودِيَّ) ولغير أبي ذرٍّ: «حتَّى سُمِّي» بضمِّ السِّين وكسر الميم مبنيًّا للمفعول «اليهوديُّ» بالرَّفع نائبٌ عن الفاعل (فَأَوْمَتْ) ولأبي ذرٍّ: «فأومأت» بهمزةٍ بعد الميم، أي: أشارت (بِرَأْسِهَا) أي: نعم (فَأُخِذَ اليَهُودِيُّ) بضمِّ الهمزة وكسر الخاء المعجمة، و «اليهوديُّ» رَفعٌ (فَاعْتَرَفَ) أنَّه فعل بها ذلك (فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ ، فَرُضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ) احتجَّ به (٥) المالكيَّة والشَّافعيَّة والحنابلة والجمهور: على أنَّ من قَتَلَ بشيءٍ يُقتَل بمثله، وعلى أنَّ القصاص لا يختصُّ بالمُحدَّد، بل يثبت بالمُثقَّل خلافًا لأبي حنيفة، حيث قال: لا قصاص إلَّا في القتل بمُحدَّدٍ (٦)، وتمسَّك المالكيَّة بهذا الحديث لمذهبهم في ثبوت القتل على المتَّهم بمُجرَّد قول المجروح، وهو تمسُّكٌ باطلٌ؛ لأنَّ اليهوديَّ اعترف كما ترى (٧)، وإنَّما قُتِل باعترافه، قاله النَّوويُّ.


(١) في (د): «غدا»، ولعلَّه تصحيفٌ.
(٢) في (ب) و (س): «فرضح»، وكذا في المواضع اللَّاحقة، وكلاهما صحيحٌ معنًى.
(٣) قوله: «وللتِّرمذيِّ: خرجت جاريةٌ عليها … قال: فأُدرِكت» سقط من (ص).
(٤) في (ص): «ابن فلانٍ»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
(٥) «به»: ليس في (د).
(٦) في (د): «بمحدودٍ».
(٧) في (د): «نرى»، وقد ردَّ الشيخ قُطَّة هذا وبيَّن مذهب المالكية فقال: المالكية لا يثبتون القتل بمجرد قول المجروح، بل إنما اعتبروه لوثًا لا بدَّ معه من قَسامة، فصحَّ الاستدلال على اعتباره، إذ لو كان لغوًا لما كان لسؤالها معنى ولا طلب الخصم بسببه وأما اعترافه فقد أغنى عن القسامة، وحينئذ فدعوى البطلان هي الباطلة. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>