للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ رَسُولُ اللهِ : مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ) أي: محلوف يمينٍ، أو على شيءٍ بيمينٍ (وَهْوَ فِيهَا) أي: والحال أنَّه فيها (فَاجِرٌ) كاذبٌ (لِيَقْتَطِعَ بِهَا) أي: باليمين الفاجرة (مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ) أو ذمِّيٍّ، والتَّقييد بالمسلم جرى على الغالب، كما جرى على الغالب في تقييده بمالٍ، وإلَّا فلا فرق بين المسلم والذِّمِّيِّ والمعاهد وغيرهم (١)، ولا بين المال وغيره في ذلك؛ لأنَّ الحقوق (٢) كلَّها في ذلك (٣) سواءٌ، ومعنى اقتطاعه المال: أن يأخذه بغير حقِّه، بل بمجرَّد يمينه المحكوم بها في ظاهر الشَّرع (لَقِيَ اللهَ) ﷿ يوم القيامة (وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ) جملةٌ اسميَّةٌ وقعت حالًا، والغضب من المخلوقين شيءٌ يداخل قلوبهم، ولا يليق أن يُوصَف الباري تعالى بذلك، فيؤَوَّل ذلك على ما يليق به تعالى، فيُحمَل على آثاره ولوازمه، فيكون المراد: أن يعامله معاملة المغضوب عليه، فيعذِّبه بما شاء من أنواع العذاب (قَالَ (٤): فَقَالَ الأَشْعَثُ) ابن قيسٍ الكنديُّ: (فِيَّ -وَاللهِ- كَانَ ذَلِكَ، كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ اليَهُودِ) اسمه الجَفْشِيش (٥)، بالجيم المفتوحة والشِّينين المعجمتين بينهما تحتيَّةٌ ساكنةٌ على الأشهر، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «كان بين رجل وبيني» (أَرْضٌ) ولـ «مسلمٍ»: أرضٌ باليمن، وفي «باب الخصومة في البئر» [خ¦٢٣٥٦]: كانت لي بئرٌ في أرضٍ (فَجَحَدَنِي، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ : أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟) أي: تشهد لك باستحقاقك ما ادَّعيته؟ قال الأشعث: (قُلْتُ: لَا) بيِّنةَ لي (قَالَ: فَقَالَ) (لِلْيَهُودِيِّ: احْلِفْ، قَالَ) الأشعث: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِذًا يَحْلِفَ) بالنَّصب بـ «إذًا» (وَيَذْهَبَ بِمَالِي) بنصب «يذهبَ» عطفًا على سابقه، وهذا موضع التَّرجمة، فإنَّه نسبه إلى الحلف الكاذب؛ لأنَّه أخبر بما كان يعلمه منه (فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ﴾) أي: يستبدلون (﴿بِعَهْدِ اللّهِ﴾) بما عاهدوا الله عليه من الإيمان بالرَّسول (٦) والوفاء بالأمانات (﴿وَأَيْمَانِهِمْ﴾) وبما حلفوا عليه (﴿ثَمَنًا قَلِيلاً﴾) متاع الدُّنيا (إِلَى آخِرِ الآيَةِ) في سورة آل عمران [الآية: ٧٧]،


(١) زيد في (د ١) و (ص): «في ذلك».
(٢) في (م): «لا بالحقوق»، وهو تحريفٌ.
(٣) في (د ١) و (ص) و (م): «في ذلك كلُّها».
(٤) «قال»: ليس في (د).
(٥) في (د): «الجشيش»، وهو تحريفٌ.
(٦) في غير (د) و (س): «بالرُّسل».

<<  <  ج: ص:  >  >>