للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللِّسان أو هو (١) من باب تغليب الاثنين على الواحد (عَصَمُوا) أي: حفظوا ومنعوا (مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ) فلا تُهدَرُ دماؤهم ولا تُستَباح أموالُهم بعد عصمتهم بالإسلام بسببٍ من الأسباب (إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلَامِ) من قتل نفسٍ، أو حدٍّ، أو غرامةٍ بمتلفٍ، أو ترك صلاةٍ (وَحِسَابُهُمْ) بعد ذلك (عَلَى اللهِ) في أمر سرائرهم، وأمَّا نحن فإنَّما نحكم بالظَّاهر، فنعاملهم بمُقتضَى ظواهر أقوالهم وأفعالهم، أو المعنى: هذا القتال وهذه العصمة إنَّما هما باعتبار أحكام الدُّنيا المتعلِّقة بنا، وأمَّا أمور الآخرة من الجنَّة والنَّار والثَّواب والعقاب فَمُفَوَّضَةٌ إلى الله تعالى، ولفظة: «على» مشعرةٌ بالإيجاب فظاهره غير مُرَادٍ، فإمَّا أن يكون المُرَاد: وحسابهم إلى الله، أو لله، أو أنَّه يجب أن يقع، لا أنَّه تعالى يجب عليه شيءٌ؛ خلافًا للمعتزلة القائلين بوجوب الحساب عقلًا، فهو من باب التَّشبيه له (٢) بالواجب على العباد في أنَّه لا بدَّ من وقوعه، واقتصر على الصَّلاة والزَّكاة لكونهما أُمًّا للعبادات البدنيَّة والماليَّة، ومن ثمَّ كانت الصَّلاة عماد الدِّين، والزَّكاة قنطرة الإسلام.

ويُؤخَذ من هذا الحديث: قبول الأعمال الظَّاهرة، والحكم بما يقتضيه الظَّاهر، والاكتفاء في قبول الإيمان بالاعتقاد الجازم؛ خلافًا لمن أوجب تعلُّم الأدلَّة، وترك تكفير أهل البدع المقرِّين بالتَّوحيد الملتزمين للشَّرائع، وقبول توبة الكافر من غير تفصيلٍ بين كفرٍ ظاهرٍ أو باطنٍ.

وفيه: رواية الأبناء عن الآباء، وفيه التَّحديث والعنعنة والسَّماع، وفيه الغرابة مع اتِّفاق الشَّيخين على تصحيحه؛ لأنَّه تفرَّد بروايته شعبةُ عن واقدٍ، قاله ابن حبَّان، وهو عن شعبةَ عزيزٌ، تفرَّد بروايته عنه حَرَمِيٌّ المذكور، وعبدُ الملك بن الصَّبَّاح، وهو عزيزٌ عن حَرَمِيٍّ، تفرَّد به عنه المُسْنَديُّ، وإبراهيمُ بن محمَّد بن عرعرةَ، ومن جهة إبراهيم أخرجه أبو عوانة وابن حبَّان والإسماعيليُّ وغيرهم، وهو غريبٌ عن عبد الملك، تفرَّد به عنه أبو غسَّان مالكُ بن عبد الواحد شيخُ مسلمٍ، وليس هو في «مُسنَد أحمد» على سعته، قاله الحافظ ابن حجرٍ،


(١) «هو»: سقط من (م).
(٢) «له»: سقط من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>