للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السَّبر والتَّقسيم، وأشار إلى إبطال قسمين، فتعيَّن الثَّالث، فكأنَّه قال: ينحصر الأمر في ثلاثة أقسامٍ: أن تأخذها لنفسك، أو تتركها فيأخذها مثلك، أو يأكلها الذِّئب، ولا سبيل إلى تركها للذِّئب، فإنَّه إضاعة مالٍ، ولا معنى لتركها لملتقطٍ آخر مثل الأوَّل، بحيث يكون الثَّاني أحقَّ، لأنَّهما استويا، وسبق الأوَّل، فلا معنى لترك السَّابق واستحقاق المسبوق، وإذا بطل هذان القسمان تعيَّن الثَّالث، وهو أن تكون لهذا الملتقط، والتَّعبير بالذِّئب ليس بقيدٍ، فالمراد: جنس ما يأكل الشَّاةَ ويفترسها من السِّباع (قَالَ) السَّائل، ولأبي الوقت: «فقال»: (ضَالَّةُ الإِبِلِ) ما حكمها؟ (فَتَمَعَّرَ) بتشديد العين المهملة (١)، أي: تغيَّر (وَجْهُ النَّبِيِّ ) من الغضب (فَقَالَ) : (مَا لَكَ وَلَهَا؟!) استفهامٌ إنكاريٌّ (مَعَهَا حِذَاؤُهَا) بكسر الحاء المهملة وبالذَّال المعجمة، ممدودًا: أخفافها، فتقوى بها على السَّير، وقطع البلاد الشَّاسعة، و ورود (٢) المياه النَّائية (وَسِقَاؤُهَا) بكسر السِّين المهملة والمدِّ: جوفها، أي: حيث وردت الماء شربت ما يكفيها حتَّى ترد ماءً آخر، أو السِّقاء: العنق، أي: ترد الماء وتشرب من غير ساقٍ يسقيها، قال ابن دقيق العيد: لمَّا كانت مستغنيةً عن الحافظ والمتعهِّد وعن النَّفقة عليها بما رُكِّب (٣) في طبعها من الجلادة على العطش والحفاء، عبَّر عن ذلك بالحِذَاء والسِّقاء مجازًا، وبالجملة فالمراد بهذا: النَّهيُ عن التَّعرُّض لها؛ لأنَّ الأخذ إنَّما هو للحفظ على صاحبها إمَّا بحفظ العين أو بحفظ القيمة، وهذه لا تحتاج إلى حفظٍ؛ لأنَّها محفوظةٌ بما خلق الله فيها من القوَّة والمَنَعَة، وما يُسِّر


(١) «المهملة»: ليس في (د).
(٢) في (ب): «وورد».
(٣) في (د): «رُكِّز».

<<  <  ج: ص:  >  >>