للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأعمالكم، أي: لِثوابِ أعمالكم، أو للمقابلة؛ وهي التي تدخل على الأعواض كاشتريت بألفٍ، ولا تَنَافِيَ بين ما في (١) الآية وحديث: «لن يدخل أحدٌ الجنَّة بعمله» [خ¦٥٦٧٣] لأنَّ المُثبَت في الآية الدُّخولُ بالعمل المقبول، والمنفيَّ في الحديث دخولُها بالعمل المُجرَّد عنه، والقبول إنَّما هو برحمة (٢) الله تعالى، فآلَ ذلك إلى أنَّه لم يقع الدُّخول إلَّا برحمته، ويأتي مزيدٌ لذلك إن شاء الله تعالى في محلِّه بعون الله وقوَّته، وقد أشبعتُ الكلام عليه في «المواهب»، فليُرَاجَع.

(وقَالَ عِدَّةٌ) -بكسر العين وتشديد الدَّال- أي: عددٌ (مِنْ أَهْلِ العِلْمِ) كأنس بن مالكٍ فيما رواه التِّرمذيُّ مرفوعًا بإسنادٍ فيه ضعفٌ، وابن عمر فيما رواه الطَّبريُّ في «تفسيره»، والطَّبرانيُّ في «الدُّعاء» له، ومجاهدٌ فيما رواه عبد الرَّزَّاق في «تفسيره» (فِي قَوْلِهِ تَعَالَى)، وفي رواية الأَصيليِّ وأبي الوقت: «﷿»: (﴿فَوَرَبِّكَ﴾) يا محمَّد (﴿لَنَسْأَلَنَّهُمْ﴾) أي: المقتسمين؛ جواب القسم مُؤكَّدًا باللَّام (﴿أَجْمَعِيْنَ﴾) تأكيدٌ للضَّمير في ﴿لَنَسْأَلَنَّهُمْ﴾ مع الشُّمول في أفراد المخصوصين (﴿عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الحجر: ٩٢ - ٩٣] عَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) وفي روايةٍ: «عن قول: لا إله إلَّا الله» وسقط لأبوي ذَرٍّ والوقت والأَصيليِّ لفظ «قول»، ولفظ رواية ابن عساكرَ: «قال: عن لا إله إلَّا الله» لكن قال النَّوويُّ: المعنى: لَنَسْأَلَنَّهُمْ عن أعمالهم كلِّها التي يتعلَّق بها التَّكليف، فقول من خصَّ بلفظ التَّوحيد دعوى تخصيصٍ بلا دليلٍ، فلا تُقبَل. انتهى. ومُرَاده -كما قاله صاحب «عمدة القاري» -: أنَّ دعوى التَّخصيص بلا دليلٍ خارجيٍّ لا تُقبَل لأنَّ الكلام عامٌّ في السُّؤال عن التَّوحيد وغيره، فدعوى التَّخصيص بالتَّوحيد تحتاج إلى دليلٍ خارجيٍّ، فإنِ استدلَّ بحديث التِّرمذيِّ فقد ضَعُفَ من جهة ليثٍ، وليس التَّعميم في قوله: ﴿أَجْمَعِيْنَ﴾ حتَّى يدخل فيه


(١) في (م): «باءي».
(٢) في (ب) و (س): «من رحمة».

<<  <  ج: ص:  >  >>