والجملة نصب صفةٍ لـ «رجلًا»، وكان السِّياق يقتضي أن يقول: أعجبهم إليه؛ لأنَّه قال:«وسعدٌ جالسٌ»، بل قال:«إليَّ» على طريق الالتفات من الغِيبة إلى التَّكلُّم (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ؟) أي: أيُّ سبب لِعُدُولِكَ عنه إلى غيره؟! ولفظ «فلانٍ» كنايةٌ عن اسمٍ أُبْهِمَ بعد أن ذُكِرَ (فَوَاللهِ إِنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا!) بفتح الهمزة، أي: أَعْلَمُهُ، وفي رواية أبي ذَرٍّ وغيره هنا كـ «الزَّكاة»[خ¦١٤٧٨]: «لأُراه» بضمِّها؛ بمعنى: أظنُّه، وبه جزم القرطبيُّ في «المُفْهِم»، وعبارته: الرِّواية بضمِّ الهمزة، وكذا رواه الإسماعيليُّ وغيره، ولم يجوِّزه النَّوويُّ محتجًّا بقوله الآتي:«ثمَّ غلبني ما أعلم منه»، ولأنَّه راجع النَّبيَّ ﷺ مرارًا، فلو لم يكن جازمًا باعتقاده لَمَا كرَّر المُراجَعة، وتُعقِّب: بأنَّه لا دلالةَ فيه على تعيُّن الفتح؛ لجواز إطلاق العلم على الظَّنِّ الغالب؛ نحو قوله تعالى: ﴿فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ﴾ [الممتحنة: ١٠] أي: العلم الذي يمكنكم تحصيله، وهو الظَّنُّ الغالب بالحلف وظهور الأمارات، وإنِّما سمَّاه علمًا إيذانًا بأنَّه كالعلم في وجوب العمل به، كما قاله البيضاوي، وأُجِيب: بأنَّ قَسَمَ سعدٍ وتأكيد كلامه بـ «إنَّ» و «اللَّام»، ومراجعته للنَّبيِّ ﷺ، وتكرار نسبة العلم إليه يدلُّ على أنَّه كان جازمًا باعتقاده (فَقَالَ)ﷺ، وفي رواية الأَصيليِّ وابن عساكر:«قال»: (أَوْ مُسْلِمًا) بسكون الواو فقط؛ بمعنى الإضراب على قول سعدٍ، وليس الإضراب هنا بمعنى إنكار كون الرَّجل مؤمنًا، بل معناه: النَّهي عن القطع بإيمان من لم يختبر حاله الخبرة الباطنة؛ لأنَّ الباطن لا يطَّلع عليه إلَّا الله، فالأَوْلى: التَّعبير بالإسلام الظَّاهر، بل في الحديث إشارةٌ إلى إيمان المذكور؛ وهي قوله: «لَأعطي الرجلَ