للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِبِلًا وَغَنَمًا) بكسر الهمزة والمُوحَّدة، لا واحد له من لفظه، بل واحدُه بعيرٌ (قَالَ) رافعٌ: (وَكَانَ النَّبِيُّ فِي أُخْرَيَاتِ القَوْمِ) بضمِّ الهمزة؛ للرِّفق بهم وحمل المنقطع (فَعَجِلُوا) بكسر الجيم، وفي الفرع بفتحها، ولم يضبطها في «اليونينيَّة» (١) (وَذَبَحُوا) مما أصابوه (وَنَصَبُوا القُدُورَ) بعد أن وضعوا اللَّحم فيها للطَّبخ (فَأَمَرَ النَّبِيُّ بِالقُدُورِ) أن تُكفَأ (فَأُكْفِئَتْ) بضمِّ الهمزة الأولى، أي: أُمِيلت ليُفرَّغ ما فيها، يُقال: كفأت الإناء وأكفأته إذا أملته، وإنَّما أُكفِئت لأنَّهم ذبحوا الغنم قبل أن تُقسَم، ولم يكن لهم ذلك، وقال النَّوويُّ: لأنَّهم كانوا قد انتهوا إلى دار الإسلام، والمحلِّ الذي لا يجوز الأكل فيه من مال الغنيمة المشتركة، فإنَّ الأكل منها قبل القسمة إنَّما يُباح في دار الحرب، والمأمور به من الإراقة إنَّما هو إتلاف المرق عقوبةً لهم، وأمَّا اللَّحم فلم يتلفوه، بل يُحمَل على أنَّه جُمِع ورُدَّ إلى المغنم، ولا يُظَنُّ بأنَّه أتلف مال الغانمين؛ لأنَّه نهى عن إضاعة المال، نعم في «سنن أبي داود» بسندٍ جيَّدٍ: أنَّه أكفأ القدور بقوسه، ثمَّ جعل يُرمِّلُ (٢) اللَّحم بالتُّراب، ثمَّ قال: «إنَّ النُّهْبَةَ ليست بأحلَّ من الميتة، أو إنَّ الميتة ليست بأحلَّ من النُّهبة»، شكَّ هَنَّادٌ أحد رواته، وقد يُجاب: بأنَّه لا يلزم من ترميله إتلافه لإمكان تداركه بالغسل، لكنَّه بعيدٌ، ويحتمل أنَّ فعله ذلك لأنَّه أبلغُ في الزَّجر، ولو ردَّها إلى المغنم لم يكن فيه كبيرُ زجرٍ؛ إذ ما ينوب الواحد منهم في ذلك نزرٌ يسيرٌ، فكان إفسادُها عليهم مع تعلُّق قلوبهم بها وغلبة شهواتهم أبلغَ في الزَّجر.

(ثُمَّ قَسَمَ) (فَعَدَلَ) بتخفيف الدَّال (عَشْرَةً) بإثبات تاء التَّأنيث في أصل أبي ذرٍّ والأَصيليِّ وابن عساكر، والأصل المسموع على أبي الوقت بقراءة الحافظ ابن السَّمعاني، لكن قال ابن مالكٍ: لا يجوز إثباتها، فالصَّواب: فعدل عشرًا (مِنَ الغَنَمِ بِبَعِيرٍ) أي: سوَّاها به، وهو محمولٌ على أنَّه كان بحسب قيمتها يومئذٍ، ولا يخالف هذا قاعدة الأضحية من إقامة بعيرٍ


(١) قوله: «وفي «الفرع»: بفتحها، ولم يضبطها في اليونينيَّة»: ليس في (د ١) و (م).
(٢) في جميع النُّسخ: «يزبِّل»، ولعلَّه تحريفٌ، وكذا في الموضع اللَّاحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>