للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحنفيَّة، فإنَّه علَّق الإذن في الأكل بمجموع أمرين، والمُعلَّق على شيئين ينتفي بانتفاء أحدهما، وأجاب أصحابنا الشَّافعيَّة: بأنَّ هذا مُعارَضٌ بحديث عائشة [خ¦٢٠٥٧]: أنَّ قومًا قالوا: إنَّ قومًا يأتوننا باللَّحم، لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال: «سمُّوا أنتم وكلوا»، فهو محمولٌ على الاستحباب، وبقيَّة مباحث ذلك تأتي إن شاء الله تعالى في «كتاب الصَّيد والذَّبائح» [خ¦٥٥٤٣].

قال العلاَّمة البدر الدَّمامينيُّ، فإن قلت: الضَّمير من قوله: «فكلوه» لا يعود على «ما»؛ لأنَّها عبارةٌ عن آلة التَّذكية، وهي لا تُؤكَل، فعلى ماذا يعود؟ وأجاب: بأنَّه يعود على المُذكَّى المفهوم من الكلام؛ لأنَّ إنهارَ الآلةِ للدَّم يدلُّ على شيءٍ أُنهِر دمه ضرورةً، وهو المُذكَّى، ولكن لا بدَّ من رابطٍ يعود على «ما» من الجملة، أو ملابسها، فيُقدَّر محذوف الملابس (١)، أي: فكلوا مذبوحه، أو يُقدَّر (٢) ذلك مضافًا إلى «ما»، ولكنَّه حُذِف، فالتَّقدير: مذبوحُ ما أنهر الدَّم وذُكِر اسم الله عليه فكلوه، فإن قلت: يلزم عدم الارتباط حينئذٍ؛ وأجاب: بأنَّ الرَّبط حاصلٌ، قال: وذلك أنَّا (٣) نقدِّر التَّركيب هكذا: ما أنهر الدَّم وذُكِر اسم الله عليه (٤) على مُذكَّاه فكلوا، فالضَّمير عائدٌ على (٥) ملتبسٍ، فحصل الرَّبط، وقد قال الكسائيُّ وتبعه ابن مالكٍ في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ﴾ [البقرة: ٢٣٤]: إنَّ ﴿الَّذِينَ﴾ مبتدأٌ، و ﴿يَتَرَبَّصْنَ﴾ الخبر، والأصل: يتربَّص أزواجهم، ثمَّ جيء بالضَّمير مكان الأزواج لتقدُّم ذكرهنَّ، فامتنع ذكر الضَّمير؛ لأنَّ النُّون لا تُضاف لكونها ضميرًا، وجعل الرَّبط بالضَّمير القائم مقام الظَّاهر المضاف إلى الضَّمير، وهذا مثل مسألتنا.

(لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ) قال الزَّركشيُّ والبرماويُّ والكِرمانيُّ والعينيُّ: «ليس» هنا للاستثناء بمعنى «إلَّا»، وما بعدها نُصِب على الاستثناء، قال في «المصابيح»: الصَّحيح أنَّها ناسخةٌ، وأنَّ اسمها ضميرٌ راجعٌ للبعض المفهوم ممَّا تقدَّم، واستتاره واجبٌ، فلا يليها في اللَّفظ إلَّا


(١) في (د) و (س): «ملابسٍ».
(٢) في (م): «تقدير».
(٣) في (د): «أن».
(٤) «عليه»: ليس في (م).
(٥) زيد في (ب): «ما».

<<  <  ج: ص:  >  >>