للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للأدب والتَّنزيه دون التَّحريم، أو النَّهي عن الإكثار من ذلك، واتِّخاذ هذه اللَّفظة عادةً، ولم ينه عن إطلاقها في نادرٍ من الأحوال، وهذا اختاره القاضي عياضٌ، وتخصيص الإطعام وما بعده بالذِّكر لغلبة استعمالها في المخالطات (١)، ويدخل في النَّهي أن يقول السَّيِّد ذلك عن نفسه، فإنَّه قد يقول لعبده: اسق ربَّك، فيضع الظَّاهر موضع الضَّمير على سبيل التَّعظيم لنفسه، بل هذا أولى بالنَّهي من قول العبد ذلك أو الأجنبيِّ ذلك عن (٢) السَّيِّد، قال في «مصابيح الجامع»: ساق (٣) المؤلِّف في الباب قوله تعالى: ﴿وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾ [النور: ٣٢] وقوله [خ¦٤١٢١]: «قوموا إلى سيِّدكم» تنبيهًا على أنَّ النَّهيَ إنَّما جاء متوجِّهًا على جانب (٤) السَّيِّد، إذ هو في مظنَّة الاستطالة، وأنَّ قول الغير: هذا عبد زيدٍ، وهذه أَمَة خالدٍ جائزٌ؛ لأنَّه يقوله إخبارًا وتعريفًا، وليس في مظنَّة الاستطالة، والآية والحديث ممَّا يؤيد هذا الفرق، وفي الحكايات المأثورة: أنَّ سائلًا وقف ببعض الأحياء، فقال: من سيِّد هذا الحيِّ؟ فقال رجلٌ: أنا، فقال له (٥): لو كنت سيِّدهم؛ لم تَقُلْهُ. وقال النَّوويُّ: المراد بالنَّهي من استعمله على جهة التَّعاظم لا من أراد التَّعريف. (وَلْيَقُلْ: سَيِّدِي مَوْلَايَ) ولأبي الوقت: «ومولاي» بإثبات الواو، وإنَّما فرَّق بين السَّيِّد والرَّبِّ؛ لأنَّ الرَّبَّ من أسماء الله تعالى اتِّفاقًا، واختُلِف في السَّيِّد هل هو من أسماء الله تعالى، ولم يأت في القرآن أنَّه من أسماء الله تعالى؟ نعم روى المؤلِّف في «الأدب المفرد» وأبو داود والنَّسائيُّ والإمام أحمد من حديث عبد الله بن الشِّخِّير عن النَّبيِّ قال: «السَّيِّد الله»، فإن قلنا: إنَّه ليس من أسمائه (٦) تعالى فالفرق واضحٌ إذ لا التباس، وإن قلنا: إنَّه من أسماء الله تعالى فليس في الشُّهرة والاستعمال كلفظ الرَّبِّ، فيحصل الفرق بذلك، وأمَّا من حيث اللُّغة فالسَّيِّد من السُّؤدد، وهو التَّقديم، يُقال (٧): ساد قومه إذا تقدَّم عليهم، ولا شكَّ في تقديم السَّيِّد على غلامه، فلما حصل الافتراق جاز الإطلاق، وأمَّا المولى فقال النَّوويُّ: يقع على ستَّة عشر


(١) في (ب): «المخاطبات».
(٢) في (ص): «من»، وهو تحريفٌ.
(٣) في (ص): «سياق».
(٤) «جانب»: ليس في (د ١) و (ص).
(٥) «له»: مثبتٌ من (ص).
(٦) في (ب) و (س): «أسماء الله».
(٧) في (ص): «يقاد»، وهو تحريفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>