للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(﴿فَكَاتِبُوهُمْ﴾) أو مفعولٌ بمُضمَرٍ، هذا تفسيره، والفاء لتضمُّن معنى الشَّرط، واشترط الشَّافعيُّ التَّأجيل وقوفًا مع (١) التَّسمية بناءً على أنَّ الكتابة من الضَّمِّ، وأقلُّ ما يحصل به الضَّمُّ نجمان، ولأنَّه أمكن لتحصيل القدرة على الأداء، وجوَّز الحنفيَّة والمالكيَّة الكتابة حالًّا ومُؤجَّلًا، ومُنجَّمًا وغير مُنجَّمٍ؛ لأنَّ الله تعالى لم يذكر التَّنجيم، وأُجيب: بأنَّ هذا احتجاجٌ ضعيفٌ؛ لأنَّ المطلق لا يعمُّ مع أنَّ العجز عن الأداء في الحال يمنع صحَّتها كما في السَّلم فيما لا يوجد عند المحلِّ (﴿إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾) أمانةً وقدرةً على أداء المال بالاحتراف كما فسَّره بهما إمامنا الشَّافعيُّ ، وفسَّره ابن عبَّاسٍ بالقدرة على الكسب، والشَّافعيُّ ضمَّ إليها الأمانة؛ لأنَّه قد يضيِّع ما يكسبه فلا يعتق، وفي «المراسيل» لأبي داود عن يحيى بن أبي كثيرٍ قال: قال رسول الله : ﴿فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾ قال: «إن علمتم فيهم حرفةً، ولا ترسلوهم كَلًّا على النَّاس»، وقيل: المراد: الصَّلاح في الدِّين، وقيل: المال، وهما ضعيفان، ولو فُقِد الشَّرطان لم تُستَحبَّ (٢)، لكن لا تُكرَه (٣) لأنَّ الخير شرط الأمر، فلا يلزم من عدمه عدم الجواز، وقال ابن القطَّان: يُكرَه، والصَّحيح الأوَّل (﴿وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾ [النور: ٣٣]) أمرٌ للموالي أن يبذلوا لهم شيئًا من أموالهم، وفي معناه: حطُّ شيءٍ من مال الكتابة، وهو للوجوب عند الأكثر، ويكفي أقلُّ ما يُتمَوَّل، وذكر ابن السَّكن والماورديُّ من طريق ابن (٤) إسحاق عن خاله عبد الله بن صَبيحٍ عن أبيه وكان جدَّ ابن إسحاق أبا أمِّه قال: كنت مملوكًا لحاطبٍ، فسألته الكتابة، فأبى، ففِيَّ أُنزِلت: ﴿وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ﴾ … الآية، قال ابن السَّكن: لم أرَ له ذكرًا إلَّا في هذا الحديث، و «صَبيحٌ» ضبطه في «فتح الباري»: بفتح الصَّاد المهملة، ولم يضبطه في «الإصابة»، لكنَّه ذكره عقب (٥) «صُبَيحٍ» -بالتَّصغير- والد أبي الضُّحى مسلم بن صُبَيحٍ، والأمر في قوله: ﴿فَكَاتِبُوهُمْ﴾


(١) في (ص): «على».
(٢) في (د ١) و (ص): «يُستحَبَّ».
(٣) في (ص): «يُكرَه».
(٤) في (ص): «أبي»، وهو تحريفٌ.
(٥) في (ص): «عقيب».

<<  <  ج: ص:  >  >>