للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا رواه البيهقيُّ في «المعرفة» من طريق أبي حاتمٍ الرَّازي عن حرملة عن الشَّافعيِّ، وقال النَّوويُّ: تأويل اللَّام بمعنى «على» هنا ضعيفٌ؛ لأنَّه أنكر الاشتراط، ولو كانت بمعنى «على» لم ينكره، وقيل: الأمر هنا للإباحة، وهو على جهة التَّنبيه على أنَّ ذلك لا ينفعهم، فوجوده وعدمه سواءٌ، فكأنَّه يقول: اشترطي أو لا تشترطي فذلك لا يفيدهم، وقال النَّوويُّ: أقوى الأجوبة: أنَّ هذا الحكم خاصٌّ بعائشة في هذه القضيَّة، وتعقَّبه ابن دقيق العيد: بأنَّ التَّخصيص لا يثبت إلَّا بدليلٍ، وبأنَّ الشَّافعيَّ نصَّ على خلاف هذه المقالة، ويأتي مزيدٌ لذلك إن شاء الله تعالى في «الشُّروط» [خ¦٢٧٢٩].

(قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ فِي النَّاسِ) خطيبًا (فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَمَا) بالفاء في «اليونينيَّة» (بَالُ) أي: ما حالُ (رِجَالٍ مِنْكُمْ (١) يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ؟ فَأَيُّمَا شَرْطٍ لَيْسَ) ولأبي ذرٍّ: «كان ليس» (فِي كِتَابِ اللهِ) أي: في حكمه من كتابٍ أو سنَّةٍ أو إجماعٍ (فَهْوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِئَةَ شَرْطٍ) قال القرطبيُّ: خرج مخرج التَّكثير، يعني أنَّ الشُّروطَ غير المشروعة باطلةٌ ولو كَثُرَتْ (فَقَضَاءُ اللهِ أَحَقُّ) أي: بالاتِّباع من الشُّروط المخالفة له (وَشَرْطُ اللهِ أَوْثَقُ) باتِّباع حدوده التي حدَّها، وليست «المفاعلة» هنا على حقيقتها، إذ لا مشاركة بين الحقِّ والباطل (مَا) بغير فاءٍ في «اليونينيَّة» (بَالُ رِجَالٍ مِنْكُمْ يَقُولُ أَحَدُهُمْ: أَعْتِقْ يَا فُلَانُ وَلِيَ الوَلَاءُ؟ إِنَّمَا الوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ) ويُستفاد من التَّعبير بـ «إنَّما» إثبات الحكم للمذكور ونفيه عمَّا عداه، فلا ولاء لمن أسلم على يديه رجلٌ، وفيه: جواز سعي المكاتب وسؤاله واكتسابه وتمكين السَّيِّد له من ذلك، لكنَّ محلَّ الجواز إذا عُرِفت جهة حِلِّ كسبه، وأنَّ للمُكاتَب أن يَسْأَلَ من حين الكتابة، ولا يُشترَط في ذلك عجزه (٢) خلافًا لمن شرطه، وأنَّه لا بأس بتعجيل


(١) «منكم»: سقط من (س).
(٢) في (ص): «عجز».

<<  <  ج: ص:  >  >>