قال عُرْوة:(فَقُلْتُ) أي: لعائشة ﵂: (يَا خَالَةُ) بضمِّ التَّاء، منادى مفرد، ولأبي ذرٍّ:«يا خالةِ» بكسرها (مَا كَانَ يُعِيْشُكُمْ؟) -بضمِّ المثنَّاة التَّحتيَّة وكسر العين وسكون التَّحتيَّة- مِنْ أعاشه الله عيشة، ولأبي ذرٍّ:«يُعَيِّشُكم» بضمِّ الياء الأولى وفتح العين وتشديد الياء الثَّانية، وقول الحافظ ابن حَجَر ﵀: وفي بعض النُّسَخ: «ما كان يُغْنِيْكم» بسكون الغين المعجمة بعدها نون مكسورة ثم تحتيَّة، تَعَقَّبه العَيْنيُّ: بأنَّه تصحَّفَ عليه، فجعله من الإِغناء، وليس هو إلَّا من القوت، كذا قال (قَالَتِ: الأَسْوَدَانِ) أي: قالت عائشة: كان يعيشنا (التَّمْرُ وَالمَاءُ) من باب التَّغليب كالعُمَرين والقَمَرين، وإلَّا فالماء لا لون له، ولذلك قالوا: الأبيضان اللَّبن والماء، وإنَّما أَطْلَقت على التَّمر أسودَ، لأنَّه غالبُ تمر المدينة، وقول بعض الشُّرَّاح تَبَعًا لصاحب «المحكم»: أن تفسير الأسودَيْن بالتَّمر والماء مُدْرَجٌ، تُعُقِّب: بأنَّ الإدراج لا يثبت بالتَّوهُّم، قاله في «الفتح»(إِلَّاَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ) -بكسر الجيم- سعد بن عبادة وعبد الله بن عمرو بن حَرام وأبو أيُّوب خالدُ بن زيد وسعدُ بنُ زُرَارةَ وغيرهم (كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ) جمع مَنِيْحة -بفتح الميم وكسر النُّون وسكون التَّحتيَّة آخرُه حاءٌ مهملة- أي: غَنَم فيها لبنٌ (وَكَانُوا يَُمْنَِحُونَ) بفتح أوَّله وثالثه، مضارع «مَنَح» أي: يعطون (رَسُولَ اللهِ ﷺ مِنْ أَلْبَانِهِمْ) وبضمِّ أوَّله وكسر ثالثه، مضارع «أمنح» والَّذي في «اليونينيَّة»: «يَمنَِحون» بفتح الياء والنُّون، وبفتح الياء وكسر النُّون، أي: يجعلونها له مِنْحة، أي: عطيَّة (فَيَسْقِينَا) وهذا موضع التَّرجمة، لأنَّهم كانوا يُهدون إليه ﷺ من ألبان منائحهم، وفي الهديَّة معنى الهبة.
وفي هذا الحديث: التَّحديث والعنعنة، ورواته كلُّهم مَدَنيُّون ورواية الرَّاوي عن خالته، وثلاثة من التَّابعين على نسقٍ واحدٍ، أوَّلُهم أبو حازم، وأخرجه مسلم.