للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كنايةٌ عن الجِماع، فشبَّه لذَّته بلذَّة العسل وحلاوته، واستعار لها ذَوْقًا. وقد روى عبد الله (١) ابن أبي مُلَيْكَة عن عائشة مرفوعًا: «إنَّ العُسَيْلة هي الجِماع». رواه الدَّارقطنيُّ، فهو مَجاز عن اللَّذة، وقيل: العُسَيْلة ماء الرَّجل، والنُّطفة تُسمَّى العُسَيلة، وحينئذٍ فلا مَجاز، لكنْ ضُعِّفَ بأنَّ الإنزال لا يُشتَرط، وإن قال به الحسن البَصريُّ، وأنَّثَ العُسَيلة، لأنَّه شبَّهها بالقطعة من العسل، أو أنَّ العسل في الأصل يُذكَّر ويُؤنَّث، وإنَّما صغَّره، إشارةً إلى القدر القليل (٢) الَّذي يحصل به الحِلُّ، قال النَّوويُّ: واتَّفقوا على أنَّ تغييب الحَشَفة في قُبُلها كافٍ من غير إنزال، وقال ابن المنذِر: في الحديث دلالةٌ على أنَّ الزَّوج الثَّاني إنْ واقَعَها وهي نائمة أو مُغْمًى عليها لا تُحِسُّ باللَّذة أنَّها لا تَحِلُّ للأوَّل؛ لأنَّ الذَّوق أن تَحُسَّ باللَّذة، وعامَّة أهل العلم أنَّها تَحِلُّ. (وَأَبُو بَكْرٍ) الصِّدِّيق (جَالِسٌ عِنْدَهُ) (وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ العَاصِ) الأمويُّ (بِالبَابِ) الشَّريف النَّبويِّ (يَنْتَظِرُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ، فَقَالَ) أي: خالدٌ، وهو بالباب: (يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَا) بفتح الهمزة وتخفيف اللَّام (تَسْمَعُ إِلَى هَذِهِ مَا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ النَّبِيِّ ) من قولها: «إنَّما معه مثلُ الهُدْبة» وكأنَّه استعظم تلفُّظها بذلك بحضرته .

وهذا موضع التَّرجمة، لأنَّ خالد بن سعيد أنكر على امرأة رِفاعة ما كانت تتكلَّم به عند النَّبيِّ ، مع كونه محجوبًا عنها خارج الباب، ولم ينكر النَّبيُّ عليه (٣) ذلك، فاعتماد خالدٍ على سماع صوتها حتَّى أنكر عليها، هو حاصلُ ما يقع من شهادة السَّمع، ولا معنى للإشهاد إلَّا الإسماع (٤)، فإذا أسمعه، فقد أشهده قَصَدَ ذلك أم لا، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ﴾ [البقرة: ٢٨٣] ولم يقل: «الإشهاد»، والسَّماع شهادةٌ، ولكن إذا صرَّح المقرُّ بالإشهاد، فالأحسنُ أن يكتب الشَّاهد: أشهدني بذلك فشهدت عليه، حتَّى يخلُص من الخلاف.

وهذا الحديث أخرجه مسلم والتِّرمذيُّ وابن ماجه في «النِّكاح». والنَّسائيُّ فيه وفي «الطَّلاق».


(١) في (ب): «الرَّحمن» وهو خطأٌ.
(٢) في (د): «اليسير».
(٣) هكذا في (ل)، وفي غيرها: «عليها»، وله وجه.
(٤) في (ص): «السَّماع».

<<  <  ج: ص:  >  >>