للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تحقَّق كمال النِّصاب معه، فإذا كشفه قبل ذلك عصى، فيتوب من المعصية في الإعلان لا من الصِّدق في علمه، وتعقَّبه في «الفتح»: بأنَّ أبا بَكْرة لم يَكْشِف حتَّى تحقَّق كمال النِّصاب، ومع ذلك أمره عمر بالتَّوبة لتُقبَل (١) شهادته، قال: ويُجاب عن ذلك بأنَّ عمر لعلَّه لم يطَّلع على ذلك فأمره بالتَّوبة، ولذلك لم يقبل منه أبو بكرة ما أمره به لعلمه بصدقه عند نفسه. انتهى.

(وَقَالَ الثَّوْرِيُّ) سفيان ممَّا هو في «جامعه» برواية عبد الله بن الوليد العدنيِّ عنه: (إِذَا جُلِدَ العَبْدُ) بالرَّفع نائبًا عن الفاعل (ثُمَّ أُعْتِقَ) بضمِّ الهمزة مبنيًّا للمفعول (جَازَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنِ اسْتُقْضِيَ المَحْدُودُ) بسكون السِّين وضمِّ الفوقيَّة وسكون القاف وكسر الضَّاد المعجمة، أي: طُلِب منه أن يحكم بين خصمين (فَقَضَايَاهُ جَائِزَةٌ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ) يعني: أبا حنيفة : (لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ القَاذِفِ وَإِنْ تَابَ) عن جريمة القذف لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا﴾ [النور: ٤] كما مرَّ (ثُمَّ قَالَ) أي: أبو حنيفة (٢): (لَا يَجُوزُ نِكَاحٌ بِغَيْرِ شَاهِدَيْنِ، فَإِنْ تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ مَحْدُودَيْنِ) في قذف (جَازَ) النِّكاح؛ لأنَّهما أهل للشَّهادة تَحمُّلًا، وعدمُ قبولها عند الأداء لا يمنع تحقُّقها إذ الأداء من ثمراتها، وفوت الثَّمرة لا يدُلُّ على فوت الأصل، وانعقاد النِّكاح موقوف على حضور الشَّاهدين، لا على أدائهما الشَّهادة، كذا علَّلوه، وفي «الحقائق» من كتبهم: أنَّ محلَّ الخلاف في المحدودين قبل ظهور التَّوبة إذ بعده ينعقد إجماعًا (وَإِنْ تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ عَبْدَيْنِ لَمْ يَجُزْ) لأنَّ الشَّهادة من باب الولاية لكونها نافذة على الغير، رضي أو لم يرضَ، والعبد ليس من أهل الولاية.

(وَأَجَازَ) بعضُ النَّاس المذكور (شَهَادَةَ المَحْدُودِ) أي: في قذف بعد التَّوبة (وَالعَبْدِ وَالأَمَةِ لِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ) لجريانه مجرى الخبر، وهو مخالف للشَّهادة في المعنى، قال البخاريُّ: (وَكَيْفَ تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ؟) أي: القاذف، وهذا من كلام المصنِّف من تمام التَّرجمة، وقد قال الشَّافعيُّ كأكثر السَّلف: لا بدَّ أن يكذِّب نفسه، وعن مالك: إذا ازداد خيرًا كفى، ولا يتوقف على تكذيب نفسه؛ لجواز أن يكون صادقًا في نفس الأمر، وإلى هذا مال المؤلِّف ثمَّ استدلَّ لذلك بقوله: (وَقَدْ نَفَى النَّبِيُّ الزَّانِيَ سَنَةً) فيما سيأتي -إن شاء الله تعالى- موصولًا قريبًا [خ¦٢٦٤٩] وسقط


(١) في (ب): «ليقبل».
(٢) قوله: «لا تجوز شهادة … أبو حنيفة» سقط من (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>