للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعَزَاهَا القاضي عياضٌ لرواية القابسيِّ، وأمَّا رواية: «انتدب» بالنُّون؛ فهو من ندبتُ فلانًا لكذا فانتدب، أي: أجاب إليه، وفي «القاموس»: وندبه إلى الأمر: دعاه وحثَّه، أو معناه: تكفَّل، كما رواه المؤلِّف في أواخر «الجهاد» [خ¦٢٧٩٧] أو سارع بثوابه وحسن جزائه، وللأَصيليِّ وكريمةَ: «انتدب الله ﷿» (لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ) حال كونه (لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانٌ) وفي روايةٍ: «إلا الإيمان» (بِي و (١) تَصْدِيقٌ بِرُسُلِي) بالرَّفع فيهما فاعلُ «لا يُخْرِجُه»، والاستثناء مُفرَّغٌ، وإنَّما عدل عن «به» -الذي هو الأصل- إلى «بي» للالتفات من الغَيبة إلى التَّكلُّم، وقول ابن مالكٍ في «التَّوضيح»: كان الأَلْيَقُ «إيمانٌ به» ولكنه على تقدير حالٍ محذوفٍ، أي: قائلًا: لا يخرجه إلَّا إيمانٌ بي، و «لا يخرجه» مقول القول؛ لأنَّ صاحب الحال على هذا التَّقدير هو الله. ردَّه ابن المُرَحِّل، فقال: أساء في قوله: «كان الأَلْيَق» وإنَّما هو من باب الالتفات، ولا حاجة إلى تقدير حالٍ؛ لأنَّ حذف الحال لا يجوز، حكاه الزَّركشيُّ وغيره. وقال في «المصابيح»: ما ذكره من عدم جواز حذف الحال ممنوعٌ، فقد ذكر ابن مالكٍ من شواهده هنا قوله تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة: ١٢٧] أي: قائلين، وقوله تعالى: ﴿وَالمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ. سَلَامٌ عَلَيْكُم﴾ [الرعد: ٢٣ - ٢٤] أي: قائلين: سلامٌ عليكم، وقوله تعالى: ﴿وَيَسْتَغْفِرُونَ (٢) لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [غافر: ٧] أي: قائلين، قال ابن المرَحِّل: وإنَّما هو من باب الالتفات، وقال الزَّركشيُّ: الأَلْيَق أن يُقَال: عدل عن ضمير الغَيبة إلى الحضور؛ يعني: أنَّ الالتفات يوهم الجسميَّة، فلا يُطْلَق في كلام الله تعالى، وهذا


(١) في (م): «أو»، وهو خطأٌ.
(٢) في (ل): «يستغفرون».

<<  <  ج: ص:  >  >>