للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصَّالح أبدًا يُعرَف منه السُّكون والنَّاموس، لكنَّه زال عنه ذلك من شدَّة ما توالى عليه من الحميَّة لنبيِّه . انتهى. وهو محمل حسن، ينفي ما في ظاهر اللَّفظ ممَّا لا يخفى.

(فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ) بضمِّ الهمزة من «أُسَيد» والحاء المهملة وفتح المعجمة من «الحُضَير» مصغَّرين، ولأبي ذرٍّ: «ابن حُضَير» زاد في «التَّفسير» [خ¦٤٧٥٠] وهو ابن عمِّ سعد بن معاذ، أي: من رهطه (١) (فَقَالَ) لابن عبادة: (كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ، وَاللهِ لَنَقْتُلَنَّهُ) أي: ولو كان من الخزرج، إذا أمرنا رسول الله بذلك، وليست لكم قدرةٌ على منعنا، قابَلَ قوله لابن معاذ: «كذبت لا تقتله» بقوله: «كذبت لنقتلنَّه» (فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ) قال له ذلك مبالغة في زجره عن القول الَّذي قاله، أي: إنَّك تصنع صنيع المنافقين، وفسَّره بقوله: (تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ) قال المازريُّ: لم يرد نفاق الكفر، وإنَّما أراد أن يظهر الودَّ للأوس، ثمَّ ظهر منه في هذه القصَّة (٢) ضدَّ ذلك، فأشبه حال المنافق (٣)؛ لأنَّ حقيقته إظهار شيء وإخفاء غيره، وقال ابن أبي جمرة: وإنَّما صدر ذلك منهم لأجل قوَّة حال الحميَّة الَّتي غطَّت على قلوبهم حين سمعوا ما قال ، فلم يتمالك أحد منهم إِلَّا قام في نصرته؛ لأنَّ الحال إذا ورد على القلب ملكه، فلا يرى غير ما هو لسبيله، فلمَّا غلبهم حال الحميَّة لم يراعوا الألفاظ، فوقع منهم السِّباب والتَّشاجر لغيبتهم لشدَّة انزعاجهم في النُّصرة.

(فَثَارَ الحَيَّانِ الأَوْسُ وَالخَزْرَجُ) بمثلَّثة، والحيّان -بمهملة فتحتيَّة مشدَّدة- تثنية حيٍّ، أي: نهض بعضهم إلى بعض من الغضب (حَتَّى هَمُّوا) زاد في «المغازي» [خ¦٤١٤١] و «التَّفسير» [خ¦٤٧٥٠] أن يقتتلوا (وَرَسُولُ اللهِ عَلَى المِنْبَرِ، فَنَزَلَ فَخَفَّضَهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، وَسَكَتَ) (وَبَكَيْتُ يَوْمِي) بكسر الميم وتخفيف الياء (لَا يَرْقَأُ) بالهمزة، لا يسكن ولا ينقطع (لِي دَمْعٌ، وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ) لأنَّ الهمَّ يوجب السَّهر وسيلان الدُّموع (٤) (فَأَصْبَحَ عِنْدِي أَبَوَايَ) أبو بكر الصِّدِّيق وأمُّ رومان، أي: جاءا إلى المكان الَّذي هي فيه من بيتهما (قَدْ) ولأبوي ذرٍّ


(١) قوله: «زاد في التفسير … من رهطه» جاء في (د) مسبقًا عند قوله: «مصغَّرين».
(٢) في (ب) و (س): «القضية».
(٣) في (ب) و (س): «المنافقين».
(٤) في (ب) و (س): «الدَّمع».

<<  <  ج: ص:  >  >>