للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فَأَخْبَرُونِي: أَنَّمَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِئَةٍ) بإضافة «جلدُ» إلى «مئةٍ»، ولأبي ذَرٍّ: «مئةُ جلدةٍ» (وَتَغْرِيبُ عَامٍ) من البلد الَّذي وقع فيه ذلك (وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللهِ) أي: بحكمه، أو بما كان قرآنًا قبل نسخ لفظه (الوَلِيدَةُ وَالغَنَمُ رَدٌّ) أي: مردودٌ (عَلَيْكَ) فأُطلِقَ المصدر على المفعول، مثل: نسجُ اليمنِ، أي: يجب ردُّهما عليك (١)، وسقط قوله: «عليك» لغير أبي ذرٍّ (وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِئَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ) لأنَّه كان بكرًا واعترف هو بالزِّنا، لأنَّ إقرار الأب عليه لا يُقبَل. نعم (٢)، إن كان هذا من باب الفتوى فيكون المعنى: إن كان ابنك زنى وهو بكرٌ، فحدُّه ذلك (اغْدُ يَا أُنَيْسُ) بضمِّ الهمزة وفتح النُّون مصغَّرًا (إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ) بالزنا، أو شهد عليها اثنان (فَارْجُمْهَا) لأنَّها كانت محصنة (قَالَ: فَغَدَا عَلَيْهَا) أنيس (فَاعْتَرَفَتْ) بالزِّنا (فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللهِ فَرُجِمَتْ) يحتمل أن يكون هذا الأمر هو الَّذي في قوله: «فإن اعترفت فارجمها» وأن يكون ذكر له أنَّها اعترفت، فأمره ثانيًا أن يرجمها، وبَعْثُ أُنيس -كما قاله النَّوويُّ- محمولٌ عند العلماء من أصحابنا على إعلام المرأة بأنَّ هذا الرَّجل قذفها بابنه، فلها عليه حدُّ القذف، فتطالب به، أو تعفو عنه إلَّا أن تعترف بالزِّنا، فلا يجب عليه حدُّ القذف، بل عليها حدُّ الزِّنا وهو الرَّجم، قال: ولا بدَّ من هذا التَّأويل، لأنَّ ظاهره أنَّه بعث ليطلب إقامة حدِّ الزِّنا، وهذا (٣) غير مرادٍ، لأنَّ حدَّ الزِّنى لا يُحتاط له بالتجسُّس، بل لو أقرَّ الزَّاني استُحِبَّ أن يُلقَّن الرُّجوع (٤).

ومطابقة الحديث للتَّرجمة قيل في قوله: «فافتديت منه بمئة شاةٍ ووليدةٍ» لأنَّ ابن هذا كان عليه جلد مئةٍ وتغريب عامٍ، وعلى المرأة الرَّجم، فجعلوا في الحدِّ الفداء بمئةِ شاةٍ ووليدةٍ، كأنَّهما وقعا شرطًا لسقوط الحدِّ عنهما، فلا يحلُّ هذا في الحدود، كذا قالوا، وفيه تعسُّفٌ (٥) لا يخفى، لأنَّ الذي وقع إنَّما هو صلحٌ. وهذا الحديث قد ذكره البخاريُّ في مواضع مختصرًا


(١) قوله: «الوليدة والغنم … عليك» سقط من (م).
(٢) في (د): «لكن».
(٣) في (د): «وهو».
(٤) في (ب) و (س): «يعرض له بالرجوع».
(٥) في النُّسخ: «تعسُّفًا»، ولعل المثبت هو الصَّواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>