ولابن عائذٍ من وجهٍ آخرَ عن الزُّهريِّ:«فإن ظهر النَّاس عليَّ فذلك الَّذي يبغون» فصرَّح بما حذفه هنا من القسم الأوَّل، والتَّردد في قوله:«فإن أظهر» ليس شكًّا في وعد الله أنَّه سينصره ويظهره، بل على طريق التَّنزيل وفرض الأمر على ما زعم الخصم (وَإِنْ هُمْ أَبَوْا) امتنعوا (فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي) بالسِّين المهملة وكسر اللَّام، أي: حتَّى تنفصل رقبتي، أي: حتَّى أموت، أو حتَّى أموت وأبقى منفردًا في قبري (وَلَيُنْفِذَنَّ اللهُ أَمْرَهُ) بضمِّ المثنَّاة التَّحتيَّة وسكون النُّون وبالذَّال المعجمة وتشديد النُّون، وضبطه في «المصابيح» كـ «التنقيح»: بتشديد الفاء المكسورة، أي: ليمضِيَنَّ الله أمره في نصر دينه.
(فَقَالَ بُدَيْلٌ: سَأُبَلِّغُهُمْ) بفتح الموحَّدة وتشديد اللَّام (مَا تَقُولُ. قَالَ: فَانْطَلَقَ) بُدَيل (حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا، قَالَ: إِنَّا قَدْ جِئْنَاكُمْ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ) يعني النَّبيَّ ﷺ(وَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ قَوْلًا، فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَعْرِضَهُ عَلَيْكُمْ فَعَلْنَا، فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ) قال في «الفتح»: سمَّى الواقديُّ منهم: عكرمة بن أبي جهل، والحكم بن أبي العاص:(لَا حَاجَةَ لَنَا (١) أَنْ تُخْبِرَنَا عَنْهُ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ذَوُو الرَّأْي مِنْهُمْ: هَاتِ) بكسر التَّاء، أي: أعطني (مَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: كَذَا وَكَذَا، فَحَدَّثَهُمْ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ. فَقَامَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ) هو ابن مُعَتِّب بضمِّ الميم وفتح العين المهملة وكسر الفوقيَّة المشدَّدة، الثَّقفيُّ، أسلمَ ورجع إلى قومه، ودعاهم إلى الإسلام فقتلوه (فَقَالَ: أَيْ قَوْمِ) أي: يا قوم (أَلَسْتُمْ بِالوَالِدِ) أي: مثل الأب في الشَّفقة لولده؟ (قَالُوا: بَلَى. قَالَ: أَوَلَسْتُم بِالوَلَدِ) مثل الابن في النُّصح لوالده؟ (قَالُوا: بَلَى) وعند ابن إسحاق عن الزُّهريِّ: أنَّ أمَّ عروة هي سبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف، فأراد بقوله:«ألستم بالوالد»، إنَّكم قد ولدتموني في الجملة لكون أمِّي منكم، ولأبي ذَرٍّ فيما قاله الحافظ ابن حجر:«ألستم بالولد؟» و «ألست بالوالد؟» والأوَّل هو الصَّواب، وهو الَّذي في رواية أحمد وابن إسحاق