للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إشعارًا بشرفهم، واستبعادًا لضياع طاعتهم، أو أنَّ «الواو» بمعنى: أو، فيكون شكًّا، لكنَّ القتلَ فيه نظرٌ؛ فإنَّ تحويل القبلة كان قبل نزول القتال، على أنَّ هذه اللَّفظة لا توجد في غير رواية زهير بن معاوية، إنَّما الموجود في باقي الرِّوايات ذكر الموت فقط (فَلَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى) وفي رواية الأَصيليِّ وابن عساكر: «﷿»: (﴿وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ [البقرة: ١٤٣]) بالقبلة المنسوخة، أو صلاتكم إليها، وقول الكِرمانيِّ في قول زهيرٍ هذا: «إنَّه يحتمل أن يكون المؤلِّف ذكره معلَّقًا» تعقَّبه الحافظ ابن حجرٍ: بأنَّ المؤلِّف ساقه في «التَّفسير» [خ¦٤٤٨٦] موصولًا مع (١) جملة الحديث، وقد تعقَّبه العينيُّ: بأنَّ صُورتَه صُورةُ تعليقٍ، وأنَّه لا يلزم من سَوْقِه في «التَّفسير» جملةً واحدةً أن يكون هذا موصولًا غير معلَّقٍ. انتهى.

واختُلِف في صلاته إلى بيت المقدس وهو بمكَّة، فقال قومٌ: لم يَزَلْ يَستقبلُ الكعبة بمكَّة، فلمَّا قدم المدينة استقبل بيت المقدس، ثمَّ نُسِخَ، وقال البيضاويُّ في تفسير قوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا﴾ [البقرة: ١٤٣] أي: الجهة التي كنت عليها؛ وهي الكعبة، فإنَّه كان يصلِّي إليها بمكَّة، ثمَّ لمَّا هاجر أُمِرَ بالصَّلاة إلى الصَّخرة تألُّفًا لليهود، وقال قومٌ: كان لبيت المقدس، فروى ابن ماجه حديث: «صلينا مع رسول الله نحو بيت المقدس ثمانيةَ عَشَرَ شهرًا، وصُرِفَتِ القبلةُ إلى الكعبة بعد دخول المدينة بشهرين»، وظاهره: أنَّه كان يصلِّي بمكَّةَ إلى بيت المقدس مَحضًا، وعن ابن عبَّاسٍ: كانت قبلتُه بمكَّةَ بيتَ المقدس، إلَّا أنَّه كان يجعل الكعبة بينه وبينه، قال البيضاويُّ: فالمُخبر به على الأوَّل الجَعْل النَّاسخ، وعلى الثاني المنسوخُ؛ والمعنى: أنَّ أصل أمرك أن تستقبل الكعبة، وما جعلنا قبلتك بيت المقدس. انتهى.


(١) في (م): «من».

<<  <  ج: ص:  >  >>