للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللهِ ) زاد عروة بن الزُّبير: فإنَّه لا ينبغي لمشركٍ أنَّه يمسَّه (فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟) الَّذي يضرب يدي (قَالُوا) ولأبي ذَرٍّ: «قال»: (المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ) وعند ابن إسحاق: فتبسَّم رسول الله ، فقال له عروة: مَن هذا يا محمَّدُ؟ قال: «هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة». قال في «الفتح»: وكذا أخرجه ابن أبي شيبة من حديث المغيرة بن شعبة نفسه بإسنادٍ صحيحٍ، وأخرجه ابن حِبَّان (فَقَالَ) عروة مخاطبًا للمغيرة: (أَيْ غُدَرُ) بضمِّ الغين المعجمة وفتح الدَّال، أي: يا غُدَر، معدولٌ عن غَادِر مبالغةً في وصفه بالغدر (أَلَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ؟!) أي: ألست أسعى في دفع شرِّ خيانتك ببذل المال (وَكَانَ المُغِيرَةُ) قبل إسلامه (صَحِبَ قَوْمًا فِي الجَاهِلِيَّةِ) من ثقيفٍ من بني مالكٍ لمَّا خرجوا زائرين المقوقس بمصر، فأحسنَ إليهم وقصَّر بالمغيرة فحصلت له الغيرة منهم؛ لأنَّه ليس من القوم، فلمَّا كانوا بالطَّريق شربوا الخمر، فلمَّا سكروا وناموا، غدر بهم (فَقَتَلَهُمْ) جميعًا (وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ) فلمَّا بَلَغَ ثقيفًا فِعْلُ المغيرة تداعَوا للقتال، فسعى عروة عمُّ المغيرة حتَّى أخذوا منه دية ثلاثةَ عشرَ نفسًا، واصطلحوا، فهذا هو سبب قوله: «أي غدر» (ثُمَّ جَاءَ) إلى المدينة (فَأَسْلَمَ) فقال له أبو بكر: ما فعل المالكيُّون الَّذين كانوا معك؟ قال: قتلتهم، وجئت بأسلابهم إلى رسول الله لتُخَمَّس (١)، أو ليرى رأيه فيها (فَقَالَ النَّبِيُّ : أَمَّا الإِسْلَامَ) بالنَّصب على المفعوليَّة (فَأَقْبَلُ) بلفظ المتكلِّم (٢)، أي: أقبله (وَأَمَّا المَالَ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ) أي: لا أتعرَّض له لكونه أخذه غدرًا؛ لأنَّ أموال المشركين وإن كانت مغنومةً عند القهر؛ فلا يحلُّ أخذها عند الأمن، فإذا كان الإنسان مصاحبًا لهم فقد أمن كلُّ واحدٍ منهما صاحبه، فسفك الدِّماء وأخذ الأموال عند ذلك غدرٌ، والغدر بالكفار وغيرهم محظورٌ، وإنَّما تحلُّ أموالهم بالمحاربة والمغالبة، ولعلَّه ترك المال في يده؛ لإمكان أن يُسْلِم قومه فيردَّ إليهم (٣) أموالهم.

(ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ) بضمِّ الميم، أي: يلحظ (أَصْحَابَ النَّبِيِّ بِعَيْنَيْهِ) بالتَّثنية (قَالَ: فَوَاللهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللهِ نُخَامَةً) بضمِّ النُّون، ما يصعد من الصَّدر إلى الفم (إِلَّا


(١) في (د): «ليخمِّسَ».
(٢) في (ب) و (س): «المضارع».
(٣) في (د): «عليهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>